د. غيث الاوسي
اصبحت مشكلة الشعب العراقي احجية من الالغاز المستحكمه التي لا تُحل ، فبعد ان احتل العراق بدعوة من شلة التافهين الذين لم يستحي بريمر بوصفهم في كتابه انهم متسكعي ارصفة الطرقات وبعد ان تم تسليمهم اكبر كنز في التأريخ المعاصر ليتربعوا على بوابة مغارة علي بابا حاكمين ومتسلطين وبعد ان افرغوا كل كنوز المغارة ونقلوها لأسيادهم في فارس السوء استطاعوا وبدهاء العجم وخسة الجبناء من تصميم نظام ديموقراطي صوري يبقيهم في السلطة الى يوم الدين فقد احكموا شروطه وقوانينه واحزابه واصواته وصناديقه ومفوضيته ووضعوا فوقه مظلة دستوريه ومحكمه اتحاديه تعيد تفسير مواده وفقما تشتهيه الجارة .
يتساءل الكثير هل من حل ؟ هل سيبقى العراق وشعبه يعيش في ادنى مستويات العيش الإنساني ويفتقر لأبسط مقومات العيش البشري لأنه كالابل تنقل ذهباً وتأكل شوكاً ام هناك امل في التغيير ؟ هل بإمكان العراق استنساخ التجربة المصريه او السودانيه ؟ هل نعقد الامال على العسكر ابناءالشعب الأصلاء للقيام بحركة وثورة اصلاحيه تضع الفاسدين والمجرمين خلف قضبان العداله ؟ ام نعول على الشعب وثورة عارمة يقودها الجياع ؟ ام ننتظر الخلاص باحتلال جديد مستورد يعيد سيناريو ٢٠٠٣ ؟
تطور المعارضة اصبح مواكباً لتطور المجتمعات وتغيرها وتطور أنظمة الحكم فيها ولم تعد الأحزاب المؤدلجه ذات الأهداف الورديه بعيدة المدى هي المُخَلِص وناب عنها البرامج والخطط والوعود القابلة للتنفيذ واصبح التجمع ليس حزباً تنتمي له بإستمارة أو بتزكية من عضو سابق بل هو قناعة فكرية وموجه جماهيريه تقتلع الحكومة بسلمية وشرعية يمنحها تأييد العالم حكومات ومجتمعات ومنظمات مجتمع والمنظمات الدوليه فالعالم اليوم لم يعد عالماً يقبل العزله كما لا يقبل الظلم لأن الأزمات والصراعات أصبحت مخاريجها مكلفة ثؤثر على مجتمعات قد تكون بعيدة جداً عن جغرافية الأزمه كتدفق اللاجئين واهتزاز السوق وعدم استقرار الاقتصاد وغيرها من التأثيرات الجانبيه فعالم مستقر آمن هو اليوم غاية ومطلب انساني ومجتمعي قبل ان يكون سياسيًا .
الجيش العراقي الحالي هو جيش تم هندسته بخبث تحولت فيه الجندية الى مهنه وقياداته الى تجار مترفين فاسدين لا انتماء لهم الا لأربابهم ولا يهمهم ما يعانيه شعبهم واهلهم بعد ان احسنت السلطة اختيارهم وتربيتهم فاستسلمت البيريه للعمامه وللسياسي الفاسد بل أصبحت درعه الذي يحميه من غضب الجماهير فالجيش سور الحاكم وأحزاب السلطه وليس سوراً للوطن او الشعب ولذلك يجب اسقاطه من احتمالات القيام بفعل وطني مشرف يلغي امتيازاته ومكانته وثروته يضاف لذلك تعدد الجيوش واختلال الولاءات بين العرق والمذهب والمرجع والولايه .
بعد عقدين من زمن التردي حدث نوعاً من الوعي المجتمعي الذي بدء يرفض هذه الأحزاب وهذه الحكومات الفاسده وأول بطاقات اعتراضه كانت في مقاطعة الانتخابات عام ٢٠١٨ وهي ثورة يفترض ان تؤدي الى تداعي العملية الديمقراطية ولكن سطوة وقوة السلطة الحاكمه وعدم اكتراثها أدى الى بقاءها في السلطة والى استمرار الظلم فجاءت ثورة تشرين الخالده التي هوت بعرش الحكومة التي قتلت المتظاهرين السلميين بدم بارد ولكن هل يكفي ذلك ؟ الجواب كلا ، فهكذا حكومات وهكذا سياسيون لن يستسلموا بل سيحاربوا بكل قسوة فخروجهم يعني محاكمتهم امام الشعب وارجاع كل ما جنوه من أموال واملاك ومقاضاة من تلطخت أيديهم بدماء الشعب الصابر .
الحل هو الأصطفاف في جبهة وطنية للمعارضة العراقية تضم كل العراقيين الشرفاء الذين ينشدون الخلاص والعيش في وطن يحتضنهم يضمن لهم السلم والأمان والكرامة ، يصطف الجميع في خط افقي يتساوى فيه الجميع لا هدف لهم الا اسقاط النظام وانتشال الوطن من التبعية الأجنبيه وتبدأ تلك الثورة العارمة بإلغاء كل الهويات والأبقاء فقط على الهوية العراقيه التي تحترم كل الهويات الفرعيه وتقدسها وتطوي صفحة الماضي وتتسامح وتتصالح مجتمعياً وتلاحق كل من ظلم الشعب وأجرم بحقه حينها سيحترم العالم هذا الشعب ويهنئه ويقف مع مسانداً وداعماً فلا الأجنبي يهتم لحالنا ولا القريب يواسي دموعنا وما حك جلدك مثل ظفرك .
لقد جربتم تغيير الحكومة فما حصدتم الا تغيير للغلاف وتغيير التعبيه لنفس المنتج المنتهي الصلاحيه ، فما حدث اشبه بإعادة ختم منتج تالف بتاريخ صلاحية محدَّث ، وناديتم بانتخابات مبكرة فاستجاب لكم السياسيون بوجوه مستبشرة فقد صمموا قانوناً انتخابياً يبقيهم على هرم السلطه وناديتم بكشف هوية قتلة المتظاهرين الذين قتلوا امام كامرات المراقبة وامام عدسات المصورين وفي وضح النهار وفي ساحة محاطه بالقوات الأمنيه ! ولكنكم لم تنالوا الا التسويف والضحك على الذقون ، ان ما ينادي به السياسي المعارض الدكتور احمد الأبيض ومعه كل الشرفاء والمخلصين هو طوق النجاة الأخير، اسقاط النظام وحكومة انتقاليه تمهد لانتخابات حرة بعد ان تحرر الوطن من التبعية وتحاكم المفسدين والمجرمين وتعيد أموال وثروات الوطن للشعب فهل من مدكر ، وهل من سامع للنداء ونحن على حافة الهاويه ، اللهم اني بلغت … اللهم فأشهد .
0 تعليقات