عذراً

مشاهدات



زمرد المحمود 


نحن اليوم نعيش وسط العديد من الأحداث الصعبة والمتتالية محلياً وعالمياً، وما يحدث هذا العام لم يقتصر على الجائحة وحسب، ففي الأسابيع القليلة الماضية توالت الكوارث علينا من الحرائق في بلاد الشام والغرب إلى حادثة صالح التي هزت شعبنا وحكومتنا توازياً مع تغير الحكومة والتحضير لمجلس النواب 2020.

لا توجد كلمات تصف بشاعة الموقف الذي وصلنا إليه، ولا أعلم أأوجه قلمي تجاه أي كارثة إنسانية أو طبيعية، أو بعيداً عن الكوارث وألقي الضوء على الحديث عن مجلس النواب التاسع عشر.

لكن، فليسقط القلم ولينتهي الحديث ولتندثر الكلمات إن لم توجه نحو أساس عقيدتنا الذي نفديه بأرواحنا وأبائنا وأمهاتنا، لو كان بيننا، الذي امتلأت الأرض نوراً بمولده وانشق القمر، وشق الله صدره ليخرج منه الحقد، للنبي العظيم الذي ينادي أمتي أمتي، للنبي الشفيع الكريم، الصادق الأمين الذي قال: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، نعم يا سادة ويا سيدات مكارم الأخلاق، فكان بخلقه وكأنه القرآن يمشي على الأرض.

كم من صباحٍاً خرج فيه ليجد جاره اليهودي وضع القمامة أمام باب منزله، وفي اليوم الذي فتح باب منزله ولم يجد أي قمامة، ذهب ليتفقد أحوال جاره اليهودي وزاره عندما علم بمرضه، الشفيع الرحيم الذي اعتاد كفار قريش رمي القمامة على ظهره الشريف أثناء صلاته، فما كان منه عند فتح مكة إلى أن أخبرهم إذهبوا أنتم الطلقاء.

بعثت رحمةً للعالمين، لم يعرفوك حق قدرك لكن بهذا لم يظلموك يا حبيبي بل ظلموا أنفسهم، يا لك من شخصيةٍ، مازالوا يتهاتفون على أذيتك في حياتك وبعد موتك بأكثر من ألف عام، وهذا التطاول والأذية هي تطاول على من بُعث من الله وبأمر الله نقل وحمل رسالة الله للعالمين ونهج حياتنا القرآن الكريم.

لم ولن تكن أمتك يوماً بالإرهابية، لم نحرق كتاباً لم ندنس كنيسة، لم نسب الدهر، ولم نسب أو نستهزئ بنبي ورسول ولا ديانة فجميعهم كانوا مرسلين من الله وبأمره جل جلاله، لم نهدم كنيسة، ولم نشتت أسرة، لم نهجر، ولم نكن طغاة بحق كل من قطن تحت راية الإسلام، لم نكفر مذهباً ولا ديناً حتى ملحداً.

لا ننسى ذكر التاريخ الإسلامي المشرف والفتوحات الإسلامية التي نقلت العالم كله وأولها أوروبا من الظلام، الجهل والظلم إلى النور، لاننسى العدل الذي أقاموه والذي كان على نهج نبينا الكريم، لاننسى كيف لجئ اليهود إلى المسلمين ولاذو بالفرار إلى دول المغرب العربي عندما أنتهى حكم المسلمين في الأندلس حين وقعت الأندلس تحت حكم الصليبيين.

أطلقتم مسمى الإسلاموفوبيا ظلماً، بدلائل على أفعال أشخاص وأفعال فردية أنا على كامل يقيني أنهم لا يبتوا للإسلام في أي صلة ولم نعترض بل تفهمنا مواقفكم، وضعتم قوانين صارمة على شعوب ومواطنين، منعتم البعض من دخول بلادكم وتفهمنا.

لم نلجئ يوماً للسخرية من تاريخكم ومحاسبتكم على الأعمال الشنيعة التي اقترفتموها بحق الشعب الإفريقي والشعوب العربية، كيف أحرقتم الشعب الجزائري داخل الكهوف وكيف لجئتم لأبشع الطرق لإستعباد الشعوب ونهب ثروات البلاد، أين منظمات حقوق الإنسان والمحاكم الدولية عن هذا التاريخ المشرف!!

بالطبع يجب علينا المقاطعة والمحاولة لتغيير هذا الواقع طلبتم التعايش بسلام لكن أنتم أول من ينقض مطالبكم وأنتم من تقومون بالأعمال الإرهابية وإن كانت مجرد كلمات أو رسومات فهي أيضاً أعمال إرهابية، تعمل على بث الذعر والكراهية بين مختلف الشعوب والفئات.

واجب ديني علي أن أدافع عن رسولي حتى وإن كانت مجرد كلمات، وواجبنا جميعاً الإعتراض والوقوف لنصرة نبينا، وقفةً بسلوك إيجابي متحضر على مكارم الأخلاق والإقتداء بمواقف نبينا المشرفة في ما يشبهها من مواقف، لاسيما أن هذه الأيام المباركة تصادفة ذكرى المولد النبوي الشريف.

كم كنت سعيدة وكلي شوقٌ للرسول المصطفى صباح اليوم وأنا استمع إلى إذاعة الجيش وهي تشير للحادثة بكل رقي وتحضر بأخلاق محمد صلى الله عليه وسلم وتبث الأناشيد المحمدية، كم سررت بموقف السفير الأردني في فرنسا وموقف شعب الكويت ومصر والجزائر والبحرين وسوريا ولبنان والمغرب وكل العالم العربي هي مجرد كلمات لكن علمنا نبينا ذو الأخلاق الحميدة الكريم: الكلمة الطبية صدقة. ومن رأى منكم منكراً فليغيره بيده وإن لم يستطع فبلسانه وإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان.

عظمه واصطفاه الله عزوجل وقال في كتابه العزيز وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ. سورة الشرح﴿٤﴾. وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيم. سورة القلم﴿٤﴾ والعديد من الأمثلة الأخرى في كتابه العزيز، فكيف لا نفديه بأرواحنا وكيف لا ندافع عنه.

عذراً يا رسولي يا رسول السلام ومبعوث الرحمة للعالمين، عذراً ياذا الفضائل والمكارم، سرقوا نهجك ونهج أصحابك علموه لأبنائهم، بنوا دولهم الديمقراطية، على أسس دينك، سرقوا سنتك واتبعوها، ثم بثوا فينا الضغائن، قلبونا، شتتونا، هجرونا، ألبسونا ثوباً غير ثوبنا، أبعدونا عن سنتك ودينك ضعفاً وجهلاً منا، لكن وعد الله حق.

لا تستهينوا بشتم رسول الله والصور المسيئة؛ فوالله لو استهنا بها الآن سوف نستهين بتدمير مقدساتنا الإسلامية.

كما أود أن أشير إلا أن دولة لائكية علمانية، أي لا تتدخل بتاتاً بشؤون معتقدات الشعب الدينية وممارسة شعائرهم الدينية إذن لماذا لا تطبقون هذا النهج الذي تتغنون به.

والحادثة التي حصلت لابننا محمد أبو عيد وشقيقته، لمجرد تحدثهم باللغة العربية في السوق العام وهي لا ترتدي الحجاب أي أن الحرب التي تشن هي لست تجاه المسلمين فحسب بل تجاه العرب ككل.

المقاطعة من أرقى الأساليب التي يمكننا اتباعها كإستنكار ورفض الواقع المرير، وإن كان هنالك وقفات إحتجاجية صامتة بتنظيمات من حكومتنا الرشيدة قد تكون فكرة جيدة لإيصال صوتنا وهويتنا وتمسكنا وحبنا لرسولنا صلوا عليه وسلموا تسليماً مباركاً كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه.

إرسال تعليق

0 تعليقات