ثائرة اكرم العكيدي
مضت سنه على ثورة تشرين المجيدة والتي فجرها شباب العراق الثائر من بغداد لأقصى جنوب العراق فبعد نفاذ صبر العراقيين للميليشيات والاحزاب الوقحة والمجرمة وبعد الكبد والنهب وكل انواع القمع الاقتصادي والامني من الحكومات المتتالية والتي اتت بعد احتلال العراق على ظهور دبابات المستعمر .نهض الحراك الشعبي الذي قاده شباب العراق ليعبر عن حركة احتجاجية تهدف لانتزاع حقوقهم المسلوبة من قبل إدارة الدولة وسلطاتها لترتقي هذه الاحتجاجات إلى مستوى الانتفاضة الشعبية والتي بحجم عدم مبالاة الدولة بمطالبهم والتي بدات بالاضراب والعصيان المدني فتوسع بعد مخاض عسير ليلد ثورة تشرين .ومن هذه الصرخة الهادرة من حناجر العراقيين تحول الشارع العراقي إلى سلطة وطنية لتسقط سلطة السياسيين الذين في مرحلة ما أعطى الشعب شرعيته لهم ولكن لم يكونوا بمستوى المسؤولية وخانوا أمانة الشعب والوطن، لذلك اليوم الشعب ذاته الذي منح لهؤلاء الفاسدين شرعية الحكم يسحبها ويسقطها ليتم محاسبة كل من تلوثت يده بدماء العراقيين وأموالهم وبمعاناة الشعب في مشهد سياسية تعتبر ملحمة تاريخية يسطرها شباب العراق الثائر في التاريخ المعاصر.ليتيقن جميع أبناء وطني بحقيقة مُرة على أنفسهم بان ليس ما ضاع محصورا بما ضاع من عمر الشباب دون إن يجدوا فرص للعمل وتكوين أسرة ناجحة فحسب ولا بتهجير ألاف الأسر العراقية لأسباب طائفية ودينية مقيتة والذين إلى يومنا هذا مازالوا يعيشون معاناة شديدة وفي ظروف معيشية قاسية في مخيمات النزوح ومن لم يتحمل اضطر إلى الهجرة إلى شتات العالم ليعيشوا معاناة الغربة وعذاب الحنين إلى الوطن ولا بما تم هدره من المال العام ومن المليارات من عوائد النفط ولا من غياب التنمية وبناء اقتصاد سليم للدولة ولا من تهالك الخدمات العامة ومن تلوث المياه، بل ما ضاع هو الوطن، ولهذا هبت الجماهير بصوت واحد تصرخ وتقول وتطالب لتقول نريد وطن حر نحن من يتمتع بخيراته ونحن من يحكمه.
ان شباب العراق ومن أجل هذا الوطن وهذه الأرض ضحوا بأنفسهم وقدموا أرواحهم فداء لوطنهم، فهم يلبوا نداء الوطن دون خشية من آلة القمع التي تستخدمها الحكومة وسلطات الدولة ضد الشعب والحكومة التي ترفع السلاح بوجه الشعب هي حكومة لا محال ساقطة وستسقط مع كل مؤوساساتها ودستورها وسلطات الأخرى من التشريعية والرئاسية لان لا حرية دون ثمن وان الشباب والشعب لحالة الوعي التي وصلوا إليها بعد طول معاناة والآم مستعدون لإمداد حرية الوطن بالغالي والنفيس من اجل تحقيق الأمن والأمان والحفاظ على استقلال الوطن واستقراره، فدماء الشهداء في ثورة تشرين التي مشاعلها مازالت مستمرة في شوارع الوطن تكتب تاريخ العراق الجديد عراق ما بعد الأول من تشرين. شهداء أثمرت في قلوب الأحرار والثوار وشباب المنتفض إلى عز ونصر وأسقط كل الخطوط الحمراء، وإن دماء الشهداء؛ تلك الدماء الطاهرة الزكية وهى أشرف دماء لتنادى الأحرار والشباب بان يكونوا بحجم المسؤولية التاريخية والواجب الوطني الملقى على أكتافهم لتغيير الأوضاع القائمة في العراق بعد إن سيطرة ميلشيات موالية لإيران على مفاصل الدولة السياسية والاقتصادية؛ ولهذا فان شباب العراق الثار ينتفض من اجل استعادة الوطن والدولة المخطوفة، مهما كان الثمن ولتحقيق هذا الهدف تهون التضحيات في سبيله، لكي يعود العراق إلى مجده الشامخ، فالتظاهرات اليوم هي تظاهرات اقرب إلى الثورة.إن لم تكن هي ذاتها الثورة الحقيقية التي اليوم يقودها الشعب بعد طول معاناة لتحرير العراق من زمر الفساد والعملاء والخونة، لان خط الشروع في الأول من تشرين الأول 2019 يجب إن يكون نهاية لأسوء حقبة تاريخية عاشها العراق والشعب تحت سطوة الفاسدين وسراق المال والعملاء والخونة .
فانطلاق الثورة في خضم هذه الأجواء التي يعيشها الشعب العراقي أمر حتمي لان دم الشهداء التي سالت بأداة القمع الحكومي هي دماء لها ثمن عند الأحرار وثوار العراق. فـ(٦٠٠) شهيد من شباب العراق وجرح الالاف ، هو عدد بكل المقاييس تعتبر جريمة ولابد من معاقبة الحكام والسلطة التشريعية والرئاسية اللذين بإدارتهم تم تنفيذ هذه الجرائم الشنيعة بحق شباب الوطن والشعب العراقي وهم عزل لا يرفعون بوجه قوات الأمن سوى إعلام عراقية ومطالب حقوقية و بوطن حر مستقل.
إن أعداد شهداء ثورة تشرين منذ اندلاع الثورة والى يومنا هذا فاق الستمائة شهيد منهم طلبة وخريجين وصحفيين واعلاميين ونشطاء وحتى من القوات الامنية .
وإذا كانت الأرقام وتكرارها عمل يمكنه تغييب الوجه الإنساني للمقتول وغض البصر عن القاتل، كانت هذه الصور تتناقل من شخص لآخر عبر مواقع التواصل، ربما كي لا يُنسى الدم المهدور، وربما لأن القصة تعيش حتى بعد رحيل صاحبها.
سيبقى التأريخ شاهد عيان على حكاية كل هؤلاء الشبّان الذين ذهبوا بصدورهم العارية مطالبين بسلمية بحياة كريمة، غير مسلوبة من الفاسدين، لكنها على الأقل لا تجعلهم رقماً، مجرد رقم مرشح للارتفاع أو قابل للتأويل، كي يبقوا أحياء في ذاكرة العراقيين لا فقط في قلوب محبيهم وأقربائهم.
وستبقى هناك اسألة مفتوحة على مر الزمان ، تلك المتناثرة هنا وهناك بين فيسبوك وتويتر، فلن يعرفها إلا أهالي القتلى وأحباؤهم، فيما سؤالهم للقاتل "لماذا؟" قد يكون بلا صوت، صامتاً ربما مثل عيني القنّاص الذي منح الحق لنفسه بفعل ما فعل. الجميع يعلم أن المليشيات والقوى السياسية المدعومة من إيران هي المسؤولة عن قتل المتظاهرين، وأمام رئيس الوزراء العراقي الحالي مصطفى الكاظمي تحدٍّ لإثبات هويته الوطنية والأخلاقية بتقديم القتلة إلى المحاكمة للقصاص منهم دون مواربة أو خوف.
هؤلاء الشهداء يستحقون منا الوقوف لهم اجلالاً واحتراماً وتقديراً هم واسرهم وابناؤهم واقرباؤهم فقد قدموا الغالي والنفيس من اجل وطن الخير والعطاء الذي نعتز به جميعاً ويستحق منا الكثير ، فالوطن سيبقى قويا منيعا وآمنا بإبنائه الشرفاء والقلوب المؤمنة النابضة بصدق الانتماء له..
0 تعليقات