عبد الحميد الصائح
تستطيع الطبقة السياسة الحاكمة بسهولة أن توجه ملف الانتخابات الوجهةَ التي تريدها، تقضي على أبرز ركائز نجاحها في احداث التغيير الديمقراطي المنشود وتلبية مطالب الناس التي احتجت على سوء الادارة ومتاهة البلاد التي تمر بها باعتراف المسؤولين بالدولة انفسهم، يستطيعون ان يجعلوا من برنامج الكاظمي الاصلاحي الذي اعلنه وتحمس فيه للمتظاهرين وللانتخابات برنامجا كوميديا للاعلانات فقط طالما بيدهم كل شيء البرلمان والنواب البيادق، وقبل ذلك انعدام المسؤولية التام ازاء مايحدث للعراق وشعبه من ثمانية عشر عاماً ، كما يستطيع القتلة وبنجاح تام مواصلة قنص النشطاء وترويع الامهات واهانة اصحاب الرأي براحة وأمان طالما لاتتمكن أية جهة في الدولة العثور عليهم. ويستطيع الفاسدون الالتفاف على اي قرار او لجنة او منفذ حدودي او ميناء او عقد، طالما مؤسسة الفساد هي اللي تقود الدولة من داخلها وتتحكم باعصابها، ساخرة من اوامر القاء القبض على صغار المدراء وصغار الضباط وصغار المسؤولين الذين لاحول لهم ولاقوة سوى النهب لصالح اولي الامر الذين لاياتيهم القانون ولايتحرش بمقاماتهم الرفيعة.
بمعنى تام ، يمكن للجميع في العلن والباطن ،ان يلتف على المتظاهرين وان يقمعهم وان يفرقهم بالقوة والقتل، والاحتيال على الانتخابات التي وصل عدد الاحزاب المسجلة فيها حتى الان الى 240 حزباً عشرة اغلبها يحمل اسم تشرين والثورة ، وشبابها مطاردون يتعرضون الى التشويه واللغة الفوقية الناصحة بالتوقف عما يفعلون ، الجيش لايحميهم والعشائر لاتحميهم وتركوا في المواجهة حاملين آمالهم وجوعهم فقط بالطريق الى الاصلاح واعادة الوطن الى رشده.
هذه المؤسسات والعصابات ومراكز النفوذ المنتصرة على المتظاهرين الان كما انتصر يزيد ( عسكريا على الامام الحسين وقتله هو وذويه ) ، لاتحل المشكلة ، بل هي تجهل اننا في لحظة حاسمة لكتابة تاريخ امة ملتبس ، ليس تاريخ السلطة بل تاريخ العقيدة ايضا ، ان تخسر السلطة يوما هذا امر حتمي ولن يتاخر كثيرا، لكن ان تقدم نموذجا سيئا لفكرك وعقيدتك وترسل رسائل للعالم وللمستقبل اننا هكذا نتعامل مع رعايانا حين يظهرون عيوبنا ويحتجون على فسادنا على هذا النحو، وان اي طريق سلمي للاحتجاج لن ياتي بنتيجة ، فالقتل والتجاهل هو المصير المحتوم،فانك انما كفرت بالقيم العليا التي هي ابعد من سلطة زائلة او انتقام شخصي.
هكذا تُظهِر الطبقةُ السياسية التي يفترض انها جاءت باليات ديمقراطية انها لاتؤمن بالتظاهر السلمي لحل المشاكل وتحقيق المطالب، والعراقيون لاخيار لهم سوى الحل السلمي وصندوق الانتخابات للتغيير، لكن ان يكون التعامل مع هذا الامر بهذه القسوة والاهانة ،فانكم انما تجعلون من الخيار السلمي مهيناً ومذلّاً،مما يسهل على دول ومراكز نفوذ وجهاتِ غامضةِ تتربص بالبلد وبكم حكاما ومحكومين موالين ومعارضين ضحايا وجلادين ، أن تبتلعكم معا.
0 تعليقات