رياض هاني بهار
بالوقت الذي تهتم مراكز البحوث والدراسات الجنائية والأمنية بالعالم بأهمية رصد الظواهر لتطوير أدائها وتحديث الأساليب والوسائل المستخدمة لتحقيق التنبؤ الأمني ، وتحقيق دور الأمن الاستباقي ، وبناء أساليب الإدارة بالمبادرة ، وليست أساليب الإدارة برد الفعل .
نحن في بلاد النهرين نتراجع عن العالم قسرا ، نراوح وفق الأساليب الأمنية المتبعة حاليا أصبحت بالية ، مما جعلها قاصرة بعدم قدراتها في التنبؤ الأمني للأزمات الأمنية ، ان رصد الظواهر الاجرامية ضرورة حتمية لأجهزة الشرطة لأنها المعنية بحماية الأمن في مختلف مجالات الحياة ، ولكي يكون قادرا ان يؤدي واجبه في المجتمع وبصورة متسارعة ، ومواجهة المواقف الأمنية المختلفة ، لا يمكن أن تعتمد على مهارة أو خبرة مسئول أو أكثر فقط بل من المحتم الاستعانة بالأساليب العلمية الحديثة في الإدارة والسيناريوهات المعدة سلفًا لمثل هذه المواقف ، والتي تقوم على التنبؤ المستقبلي بتلك المواقف الأمنية الحرجة ، ولكن هذا يتطلب ذكاء جنائي ومع خبرة متراكمة ، لابد من التساؤلات التالية :
من يرصد الظواهر الاجرامية بالعراق ؟؟، من هي الجهة التي تتنبأ بالجريمة ووفق أي أسلوب ؟؟، وما هي مؤهلات القادة الامنيين ؟؟ هل يتبؤون مناصبهم بكفائتهم او الظروف السياسية تختارهم لاسباب عديدة ، هل امننا التقليدي يتوافق مع العصر ؟؟ كم من الزمن المتاح ان يستمر بهذا التعثر والتجارب الفاشلة ، واسئلة كثيرة تحتاج الى إجابات ؟؟
نستطيع القول حاليا إن أهم المرتكزات الأساسية للمعرفة الجنائية والشرطوية والأمنية مفقود:
كان قبل عام 2003 ترصد الظواهر الاجرامية لجان علمية منبثقة من مركز البحوث والدراسات في الشرطة العامة واهمها (لجنة دور الجمهور للوقاية والتحصين ضد الجريمة) و(لجنة تحليل الجرائم تجتمع شهريا لمناقشة اخطر الجرائم ) التي كانت تدار بكفائة مهنية عالية ، وبذكاء جنائي مهني ، وباجتماعات جادة ، وبعمل جماعي ، ومن خلالها يتم قراءة الواقع الأمني على ضوء التقارير الجنائية اليومية التي توضح الأحداث اليومية المكونة لمسيرة الحياة الاجتماعية بشكل يوضح مستوى الحالة الأمنية ، ويبين أهم العوامل المؤثرة فيها ، ومقدرًا ذلك التأثير ، وأهم المجالات المتأثرة به ، ويتم استقراء الواقع الأمني من قِبل تلك التقارير للوقوف على كافة تلك المشكلات عن طريق التقارير الأمنية التي تُرفع من قبل الجهات الممارسة لتعكف بعد ذلك الأجهزة المختصة على دراسة تلك التقارير ، وتحليل ما تحتويه من معلومات ، والربط بين بعضها البعض ، وتفسير ما أدت إليه من نتائج ، والتعرف على مدى مساس ما تكشف عنه معلوماتها بالأهداف الأمنية المرصودة من قبل ، ثم تحديد الإجراءات الكفيلة بتحقيقها ، ولابد من الإشارة الى انها تدار من قبل مجموعة محترفة للعمل وعلى راسها الأخ اللواء الدكتور اكرم المشهداني وطاقمه المتمرس بهذا العمل الرائع .
وكانت اللجان المشار اليها انفا تعتمد المنهج العلمي وأساليب أساسية في استقصاء حقيقة الظاهرة الإجرامية ، باعتمادها على الإحصاءات الجنائية والتقارير اليومية (التقرير الجنائي ) وتقارير الرأي العام واتجاهاته المختلفة ، ومن خلالها تحديد مؤشرات لاكتشاف الظاهرة الإجرامية في بدايتها أولها على مستوى الملامح الخاصة بالجريمة ، وثانيا على مستوى المحيط الخارجي.
ويتم أيضا التعرف على الظاهرة الإجرامية من خلال تكرار وقوع الفعل الإجرامي مع تماثل الأسلوب في حالات تعددها، سواء في فترة زمنية واحدة أو على فترات زمنية في منطقة جغرافية واحدة أو تتعدد المناطق الجغرافية، وسواء اتحد الأشخاص الفاعلون لها أم اختلفوا.
كان القادة يتميزون بالجرأة باظهار الأمور على السطح بدل من الطمطمة او التجاهل وهي اول اختبار لعوامل النجاح المهني ، كانوا امناء بقراراتهم المهنية والاخلاقية ، ومدربين على اصدار الاحكام الصحيحة وفق القوانين ،ولديهم القدرة بتقييم توابعهم وفق معايير الكفاءة والمهارة ، ويمتلكون قـدرات تحليليـة جنائية واجتماعية ، والاغلبية منهم تبئؤا مناصبهم بجدارة
الخلاصة
نحن حاليا امام معضلات امنية عديدة لا يمكن حصرها وحلولها ترقيعيه تعتمد على الفعل ورد الفعل ، وهذا التردي احد أسبابه تولي المسؤولية للخط الأول من وزراء ووكلاء لاداره الداخلية من عام 2003 ولحد الان من فئات غير مهنية ( ضباط جيش ودمج ) وعكسوا ثقافتهم وتصوراتهم السطحية بشان الامن ، وتراكمت الأخطاء واحد تلو الاخر الى ما اصبحنا علية من تشرذم بالادارات ، وفرضوا نهجا غير مهني وإجراءات لا تمت للامن بصلة
0 تعليقات