عندما يتذكر الإنسان ساعة ولادته

مشاهدات



الحبيب الأسود


العلماء يتحدثون عن وجود 80 حالة في العالم تعاني من حالة نادرة جدا اسمها متلازمة فرط التذكر ترتقي إلى مستوى المرض ويمتلك فيها الفرد ذاكرة ذاتية فائقة.

فقدان الذاكرة الطفولية ظاهرة تثير اهتمام علماء النفس

«لا أزال أتذكر الساعات الأولى بعد ولادتي وأنا على السرير، والنافذة مفتوحة أشاهد من خلالها السحاب والطيور المحلقة بالقرب من منزلنا» هذه الكلمات التي كان قد صرح بها لوط بوناطيرو، وهو مخترع وعالم فلك وفيزيائي جزائري، ورئيس ومؤسس المنظمة الوطنية للمبدعين والبحث العلمي الجزائرية، أثارت جدلا واسعا في بلاده وعلى منصات التواصل الاجتماعي العابرة للحدود، والسبب أن فقدان الذاكرة الطفولية ظاهرة حيرت علماء النفس على مدى أكثر من قرن، ولا تزال محل اهتمام كبير، تقول جين شينسكي المحاضرة بقسم علم النفس في كلية رويال هولواي بجامعة لندن «قد يبدو للوهلة الأولى أنّ السبب في عدم استرجاعنا لذكرياتنا عندما كنا أطفالا صغارا، هو أن الأطفال الصغار ليست لديهم ذاكرة مكتملة النمو، إلا أنّه يمكن للأطفال الرضّع – في سن ستة أشهر – تكوين كل من الذاكرة قصيرة الأجل والتي تستمر دقائق، والذاكرة طويلة الأجل التي تستمر أسابيع إن لم تكن أشهرا.

فسّر سيغموند فرويد قبل 100 عام فقدان الذاكرة الطفولية بأن الذكريات تتعرض للقمع بسبب طبيعتها الجنسية والصدمة، وعلى الرغم من أن العلماء قد استبعدوا فكرة فرويد بشأن هذه المسألة، إلا أنه لا يوجد إجماع حول أصل فقدان ذاكرة الطفولة رغم كثرة وتعدد النظريات.

الأمر الصادم أن هناك فعلا من يتذكرون تفاصيل الأيام الأولى بعد ولادتهم، بل هناك من يتذكر آخر لحظات حياته في رحم والدته، يقول إلياندر إلدريدج “أتذكر أنني كنت في الرحم، وأتذكر أنني رأيت ضوءا ساطعا وشعورا بالحركة، لكنني لا أتذكر رؤية أي شيء آخر غير الضوء. على الأقل، ليس على الفور. عندما فتحت عيني، أتذكر أنني رأيت وجه أمي. عند الولادة، كان الشعور العام هو الفضول – النظر حولي، لكن دون فهم ما كنت أنظر إليه تماما”.

أما الأسترالية ريبيكا شاروك فتقول إنه تم وضعها في مقعد السائق في السيارة، لأن والديها أرادوا التقاط صورة لها، وهي تبلغ من العمر اثني عشر يوما فقط، وهي تقول «حملني والداي إلى مقعد القيادة بالسيارة، وكانت تلك فكرة أبي، وأجلساني وراء عجلة القيادة لالتقاط صورة لي. وكرضيعة بعمر أيام معدودة في هذه الدنيا، كنت أشعر بالفضول تجاه فرش المقعد المزخرف وكذلك عجلة القيادة التي تعلوني، بالرغم من أني بالطبع لم أكن قادرة بعد على النهوض واستكشاف تلك الأشياء الغريبة التي تثير فضولي» ومنذ ذلك اليوم لم تنس شاروك شيئا من تفاصيل حياتها اليومية.

اللافت في الموضوع أن العلماء يتحدثون عن وجود 80 حالة في العالم من هذا النوع تم التعرف عليها، وتبين أنها تعاني من حالة نادرة جدا اسمها متلازمة فرط التذكر ترتقي إلى مستوى المرض ويمتلك فيها الفرد ذاكرة ذاتية فائقة، مما يعني أنه يمكنه تذكر الغالبية العظمى من التجارب والأحداث الشخصية في حياته أو حياتها، الأمر الذي فتح مجالا مهما أمام العلماء لإعادة النظر في كل ما قيل سابقا حول الذاكرة.

لا تستغربوا مما قاله المخترع الجزائري، فهو قد يكون واحدا من الحالات الثمانين المنتشرة حول العالم.

إرسال تعليق

0 تعليقات