منقذ داغر
لسنين طويلة ،وربما لبضع سنين اخرى، كانتا أمريكا وايران هما الدولتان الأشد تأثيراً في السياسة العراقية. وهذا التأثير إتخذ أشكالاً متعددة لكنه كان محكوماً بأستمرار بمدى الإنكشاف السياسي والاقتصادي وحتى الاجتماعي الداخلي. إن التقييم الواقعي للوضع السياسي العراقي يؤكد ان هذا الانكشاف السياسي سيستمر للسنوات القليلة المقبلة،لعوامل موضوعية كثيرة. أما الإنكشاف الأقتصادي فسيزداد كثيراً خلال المدة القادمة ولأسباب واضحة للعيان. من جانب آخر فأن التقييم الموضوعي لقوة ورغبة اللاعبين الرئيسين (امريكا وايران) في التأثير بالسياسة العراقية ،يعطي مؤشرات قوية على إحتمال تصاعد دور لاعب جديد هو أوربا في مقابل تقلص (نسبي وليس كلي)للدورين الأميركي والأيراني. فظروف السياسة الداخلية في اميركا ،وايران فضلاً عن ظروف السياسة الداخلية في العراق ستجعل التأثير الاميركي والايراني أقل مما كان.
في المقابل فأن ادراك اوربا لأهمية المنطقة العربية كساحة خلفية تؤثر على امنها بشكل مباشر،وادراكها لتقلص التأثير الامريكي الذي يقابله صعود في ادوار الصين،روسيا،وتركيا يجبر اوربا على الاهتمام بشكل اكبر بما يجري في منطقتنا(وفي العراق خصوصاً) وتداعياته الامنية عليها. من جانب آخر فأن خروج بريطانيا من المنظومة الاوربية وتزايد التفاهمات بين فرنسا والمانيا سيجعل اوربا ارشق واكثر قدرة على التأثير في السياسة الخارجية. وهنا تبدو المانيا مؤهلة اكثر من غيرها لقيادة هذا الاتجاه التأثيري الخارجي.
ان كل المؤشرات الاقتصادية تؤكد ان المانيا ستكون من بين اكثر بلدان العالم قدرةً على لعب دور خارجي بعد الخروج من محنة كورونا. لذلك ستكون هي القاطرة التي تسحب اوربا غيرها.
ان تعميق العلاقة مع اوربا (وعلى رأسها المانيا ثم فرنسا)بات ضرورة قصوى للسياسة الخارجية للعراق.
0 تعليقات