أثار قانون "معادلة الشهادات" الذي أقرّه البرلمان العراقي، الأسبوع الماضي، موجة انتقادات واسعة في صفوف المثقفين والأكاديميين العراقيين، الذين عدّوه "رصاصة في نعش التعليم في البلاد"، لا سيما أنه مفصّل على مقاسات السياسيين العراقيين الذين حصلوا أو يسعون للحصول على شهادات وألقاب علمية خارج الضوابط والمعايير العلمية الرصينة من جامعات ومعاهد أغلبها دينية غير معترف بها.
ويجرد القانون الذي أقر، على الرغم من عدم استيفائه شروط إقرار القوانين في البرلمان، وزارة التعليم العالي، من اعتماد مبدأ التقييم العلمي في معادلة الشهادات، ليتم الاعتماد على ما سماه بـ"الموهبة" و"الجهود المتميزة بالعمل" كمعيار جديد في تقييم معادلة الشهادة، وهو معيار غير محدد بحدود معينة وثابتة، الأمر الذي ينهي الضوابط الرصينة والمعايير المعتمدة في تقييم الشهادات.
وزارة التعليم العالي التي لم يكن لها علم مسبق بالقانون، انتقدته بشدة، ودعت رئيس الجمهورية إلى عدم المصادقة عليه، محذرة من مخاطره على الرصانة العلمية.
وقالت الوزارة في بيان لها، إنه "استنادا إلى السلطة العلمية المخولة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي ومؤسساتها الجامعية بموجب القوانين النافذة، وحفاظا على اشتراطات الشهادة الأكاديمية ومتطلبات معادلتها التي تضمن سلامة الآثار المترتبة عليها في المجتمع العراقي وانطلاقا من خصوصية مؤسسات التعليم العالي ومسؤوليتها الحصرية في تقدير المصلحة بعيدا عن الحسابات الخاصة، تؤكد هيئة الرأي في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي رفضها قانون أسس تعادل الشهادات".
ودعت، رئيس الجمهورية إلى "التدخل وعدم المصادقة على القانون، وتدارك مخاطره، وإنقاذ الموقف الذي سيجعل القرار العلمي بتقييم الشهادات معطلا، وتأمين مبدأ تكافؤ الفرص وحماية المبادئ الدستورية الضامنة لمساواة الجميع أمام القانون".
سياسيون أكدوا، ضرورة أن تكون المعايير العلمية أهم من المصالح الفئوية، لا سيما في إقرار القوانين المرتبطة بالتعليم.
وقال النائب، أرشد الصالحي، في بيان له "كان الأجدر بالبرلمان أخذ رأي وزارة التعليم قبل التصويت على هذا القانون"، معتبرا أن "العلم ورصانة المؤسسات التعليمية والحفاظ على القيم العليا للشهادات يجب أن يكون أهم من المصالح السياسية والفئوية والاهتمامات الخاصة".
ودعا إلى "إعادة النظر بالقانون، من أجل حماية التعليم ومكانته"، مشيرا إلى أن "القانون بحاجة لصياغة علمية جديدة حفاظا على رصانة المؤسسات التعليمية في البلد".
أما النائب السابق، ماجد شنكالي، فقد أكد أن الهدف من القانون هو منح المسؤولين الحكوميين فرصة الحصول على شهادات لا يستحقونها، وقال في تغريدة له، إن "قانون معادلة الشهادات الذي صوت عليه البرلمان، سيكون كارثة على التعليم والرصانة العلمية للشهادات، إذ يهدف إلى إعطاء الإذن للمسؤولين في الدولة للحصول على شهادات لا يستحقونها، وسيؤدي إلى انهيار كامل للمنظومة التعليمية التي أصلاً تعاني من الانهيار".
القانون الذي شرعه البرلمان، لم يقدّم من قبل مجلس الوزراء، بل قدمته لجنة التعليم البرلمانية، وهذا مخالف لسلسلة تقديم القوانين، وقال الخبير السياسي، باسل حسين، في تغريدة له، "ليعلم الجميع أن قانون معادلة الشهادات جاء كمقترح من لجنة التعليم العالي البرلمانية وليس مشروع قانون من مجلس الوزراء، لذا فهو مخالف لفتوى المحكمة الاتحادية، فضلا عن أنه يعد نكسة حقيقية بحق التعليم العالي في العراق، وينبغي من الجميع الوقوف ضده، إذ إنه سيمنح اللقب العلمي بالاعتماد على معيار (الموهبة أو الجهود المتميزة بالعمل)، وهذا خارج عن معايير الجودة".
أما رئيس مركز التفكير السياسي، إحسان الشمري، فقد عدّ القانون "رصاصة جديدة تخترق جسد التعليم العالي في العراق".
مثقفون وأكاديميون عراقيون، عبّروا عن استيائهم من القانون، مؤكدين أن أحزاب السلطة تتعمد إقرار القوانين التي تتماشى مع مصالحها.
الباحث العراقي، هيثم نعمان، لم يستغرب إقرار القانون، معتبرا أن هذا نهج اعتمدته أحزاب السلطة بعد العام 2003، وقال في تغريدته، "بمناسبة قانون معادلة الشهادات، أقول لأصحاب الشهادات الحقيقية لا تستغربوا، بل تذكروا أن أول قرار وقعه إبراهيم الجعفري عندما أصبح رئيسا للوزراء، هو العفو العام عن مزوري الشهادات، وكان عددهم في ذلك الوقت بحدود 1000 مزور، قد استلموا مناصب وظيفية في الدولة العراقية" .
أما الإعلامي عامر ابراهيم، فقد قال في تغريدته، "بعد أيام سنشهد هجمة من الألقاب العلمية الدمج (غير الرصينة) .. آلاف من السياسيين والمسؤولين ممن حصلوا على شهادات عليا من جامعات ومعاهد، بغض النظر عن الطريقة, سيكون بإمكانهم معادلة شهاداتهم في وزارات ومؤسسات بعيدا عن التعليم العالي".
مغردة أخرى عرفت عن نفسها بـ "جوان"، قالت في تغريدتها، "لا غرابة في إقرار البرلمان القانون بمعيار الموهبة أو الجهود المتميزة بالعمل، فأغلب أعضائه موهوبون بالتخلف العلمي وكفاءات باللصوصية وسوابق بالطائفية ومتميزون بتقاسم الكعكة"
0 تعليقات