موفق الخطاب
منذ احتلال العراق قبل سبعة عشر عاما والبلد تكتنفه الفوضى وتوقفت فيه عجلة الحياة واصبح بلد ممزقا يفتقر لكل ما يمت للحياة المدنية الحديثة بصلة .
وكان احد اساب تخلفه قبل أن يتفشي فيه الفساد بأبشع صوره وقبل ان يضربه الإرهاب هو تصفية العقول وهجرة النخب العلمية والكفاءآت وتدمير مؤسساته المدنية والعسكرية مما أدى بالنتيجة الى تراجع بل توقف الكثير من خدمات البنى التحتية وانهيار جميع القطاعات الخدمية والعلمية والصحية والرياضية والفنية والمصرفية وحتى الأسرية وازدياد معدلات الجريمة والعنف وتراجع القضاء, واستبدلت فيه قيادات قوى الجيش والامن الداخلي بمليشيات ولائها لأسيادهم المرتبطين بأجندات خارجية ,وإحلال ضباط الدمج بدلا من القيادات المهنية ليشغلوا مناصب حساسة وهم في الأصل لم يخدموا يوما في السلك العسكري وبعضهم حتى امي وفي احسن الأحوال كان احدهم هاربا من الجيش او مطاردا من قبل الدولة لفساده او لعمالته وقس على ذلك باقي وزارات الدولة ومؤسساتها .
ومع كل هذا التدهور كانت الأحزاب والتجمعات والتكتلات تتكاثر فيه تكاثرا انشطاريا رهيبا من اجل الاستحواذ على خيراته دون الاكتراث بمعاناة الشعب ودون المبادرة بإصلاح أي قطاع بل تعمدت تلك الأحزاب والمليشيات المساندة لها بتفكيك وإنهاء ما تبقى من القطاعات المختلفة والركون لجارة السوء ايران بتشغيل جميع قطاعاتها وأسواقها ومصارفها مما أوصل البلد لحالة من الدمار يصعب تخيلها.
ومع كل هذه الفوضى الخلاقة والصمت بل المساندة في بعض الأحيان من قبل الدول الكبرى والإقليمية والهيئآت الدولية لما يجري في العراق, كل ذلك يشير الى ان هنالك منظومة دولية رهيبة خفية تحكم العالم وتتواجد في الدول الاكثر ثراء لإفراغها من خيراتها وبهذه الوسائل والأدوات القذرة مع ديمومة بقائها واسكات أي انتفاضة وصوت يطالب بالتغيير مع الاستمرار في تجديد التطاحن و زرع الفتن ليبقى الشعب في دوامة لا يمكنه الانفكاك منها !!
لذا بات لزاما على النخب والكفاءآت العراقية والوطنيين والشرفاء ان يخرجوا عن صمتهم ويعدوا عدتهم بعيدا عن التشكيلات السياسية والحزبية التي لا يمكن ان يجدوا لهم مكانا في وسط بيئة ملوثة سياسيا ,فالعمل السياسي طيلة الفترة السابقة اثبت فشله ولم يقدم أي حلول لإنقاذ الشعب العراقي ,ومن تورط و دلج فيه فإما ان تم تصفيته او استدراجه وكثير منهم انخرط وانقلب بالضد من مبادئه واصبح أداة طيعة بيد الخونة بل ربما زاد عنهم في نذالته لذا فالأمل ميؤوس من جميع الطبقة الحاكمة .
الشعب العراقي سئم جميع الوجوه ولم يعد من أولوياته متابعة التطاحن السياسي وتشكيلات الكتل وتوزيع المناصب ولا ينتظر خيرا حتى من الانتخابات المقبلة لطالما بقيت نفس التكتلات والوجوه الكالحة والمليشيات وبقيت ايران تهيمن على المشهد العراقي , فهو يبحث اليوم عمن يؤمن له مفردات يومه من مسكن ومأكل ومشرب وتوفير مقاعد دراسية تليق بعياله وخدمات صحية وإصلاح المنظومة الكهربائية وطفح المجاري اعزكم الله وغرق المدن مع كل شتاء والقضاء على البطالة وإصلاح منظومة التعليم والقضاء ,وإيقاف نزيف العنف الاسري والانتحار وتفشي المخدرات .
حقيقة ما يفرح الشعب العراقي اليوم هو ليس ولادة حزب ولا إئتلاف جديد ,فهم من نفس ماكنة التفقيس النتنة التي لا تنتج الا ولادات مشوه ,ما يفرحه هو من يتقدم الصفوف ويطرق أبواب الشركات والهيئآت والدول ويعد الدراسات والمخططات ودراسات الجدوى ويقدم الحلول الآنية وبعيدة المدى لعودة الحياة الكريمة, ولوضع العراق في مكانته الصحيحة ,فعلى النخب العراقية في خارج العراق وما تبقى منهم في داخله ان لا ينتظروا حتى إزاحة هذه الطغمة الفاسدة بل عليهم منذ الان التحرك لجرد الاضرار واعداد الدراسات لان العراق لن يبقى رهين الخونة ولا رهين ايران ابدا فهي مرحلة سرعان ما ستنزوي ويذهب الخونة الى مزبلة التاريخ .
من هذا المنطلق بالأمس 31 اكتوبر 2020 تشرين الخير غمرتني السعادة وانا اتابع مجريات المؤتمر الإفتراضي الذي عقد عبر الفضاء لولادة (إتحاد النخب والأكاديميين العراقيين) في عملية ديموقراطية وشفافة ليتم التصويت على نظامه الداخلي الذي عكف فيه اعضاءه على صياغته صياغة رصينة وتضمن تشكيل ثمان لجان تغطي كل احتياجات الشعب العراقي في حياته اليومية , وليتم بعدها انتخاب الشخصية الرياضية المرموقة والمعروفة في الوسط الرياضي العراقي والعربي والدولي الأستاذ (الدكتورعبد القادر زينل) ليتشرف ويكون رئيسا للاتحاد وكذلك انتخاب نائبيه وأمين السر ورؤساء اللجان الفنية والمهنية عابرين القومية والمذهبية والأثنية ومتسامين عن كل اشكال التحزب والحركات السياسية , ولأصغي بعد ذلك في نهاية المؤتمر للبيان التأسيسي الختامي الرصين الذي تلاه الرئيس والذي تعهد فيه وجميع النخب ببذل ما في وسعهم من تقديم افضل ما يمكن تقديمه للشعب العراقي الصابر, ولم يغفل فيه عن تضحيات شعبنا المبتلى , منوها ومساندا لثوار انتفاضة تشرين المباركة وداعيا لشهدائه بالرحمة وللإبطال بالثبات والنصر القريب المؤزر.
وأخيرا ربما يقول البعض ان هنالك اتحادات ومنتديات موجودة على الساحة ولا داعي لإي تشكيل جديد!!
فأقول وما الضير من كثرتها لطالما هي تطوعية وتصب في مصلحة العراق؟؟
فكل يجتهد ويقدم ويخدم بلده من وجهة نظره التي لا تتقاطع مع الهدف الأسمى, ومهما تعددت الاجنحة الخيرة ذات الهدف الواحد فهي بالتالي تصب في مصلحة الشعب العراقي وهي افضل من تعدد الأحزاب التي دمرت البلاد وانهكت العباد ولا وجه للمقارنة بين الحق والباطل وندعو للجميع بالتوفيق والسداد..
0 تعليقات