عبد الجبار الجبوري
إنتهت الإنتخابات الأمريكية،ولم تنته، التراشقات والإنتقادات والإتهامات، بين المرشحيّن ترمب-بايدن، لا بل قدّم الرئيس ترمب طعناً ،بأصوات جوبايدن،متهّما دولاً بعينها بتهكيرالأصوات، وتزوير الانتخابات، وإرسال ملايين الأصوات ،الى صناديق الإقتراع عبرالبريد لصالح بايدن،وإستجابت وزارة العدل الامريكية، لطلب حملة ترمب،بإعادة الفرز،في جميع الولايات الأمريكية،وكان في وقت سابق للإنتخابات،قيام الرئيس ترمب بتعيين القاضية إيمي كوني باريت، في المحكمة العليا،وتم إعادة فرز الأصوات في خمس ولايات، ومنها جورجيا وبنسلفانيا، فوجدوا 78بالمئة من الأصوات مزوّرة لصالح بايدن،حيث أوقع ترمب المرشح بايدن في الفّخ،عن طريق جعل أوراق الإنتخاب (مائية )،غير قابلة للتزويرعلى الإطلاق، دون علم بايدن، والفرز مستمر وسط تصاعد عدد أصوات ترمب بفارق كبير،فهل يتكّرر مشهد آل غور- بوش الإبن، لتحسمه المحكمة العليا والقضاء الامريكي، ويفوز ترمب بولاية ثانية ، كما فاز بوش على آل غور،وهذا ماسيفعله الرئيس ترمب الآن مع بايدن،وبغض النظر عن مايجري، في أروقة المحكمة العليا من تحضيرات لهذا، والعمل على إعادة ترمب الى الحكم بأية طريقة،سواء بإعادة فرزالأصوات ،وإظهار التزوّير لصالح ترمب،أم بقرار من المحكمة العليا،وحسم الأمورهناك، كما حصل مع بوش الابن وآل غور،فإننا أزاء ديمقراطية مزيفّة خادعة، أثبتت مجرياتها ،أنها تطبّق على الدول الفقيرة النامية،وتمارسها كدعاية وتلميع إنتخابي ليس إلاّ، والمثال الحيّ، ماجرى في العراق بعد الغزو واثبت فشله، وأنتج خراباً لاحدود له، هكذا هي الديمقراطية الأمريكية أكذوبة فضحتها الانتخابات في عقر دارها، وصارت أضحوكة للعالم كله، ولكن مع هذا لنقرأ المشهد،مابعد الفوز لترمب،أو لبايدن، على صعيد السياسة الخارجية الامريكية، وخاصة منطقة الشرق الاوسط، التي تشهد حروباً متعددّة الرؤوس،وتماهي وتفرّد إيران وأذرعها ،وإطلاق يدها، بتغول واضح في مصير الشرق الاوسط كله، والصورة الأبشع لها ،مايجري في العراق،من صراع أمريكي – إيراني ، حول مستقبل العراق، هل يكون أمريكيا، أم إيرانيا أو تخادمياً، كما جرى في عهد أوباما، وهنا لابد من التذكير، أن الإستراتيجية الأمريكية ،في الشرق الاوسط خاصة، والعالم عامة ،لن تتغّير بتغير ( الرئيس)، فهو ينفذ مايخطط له (البنتاغون والسي اي اي)،ولكن لكل رئيس رؤيته وصلاحياته وجعل شعاره خدمة أمريكا أولاً،فالرئيس ترمب إتبع استراتيجّية قاسية متشددة ضد الخصوم والأعداء،ومنها الحصار الأقسى في التأريخ لايران، والتهديد المباشر لأوربا ،في حال عدم تنفيذ قرارات الادارة الامريكية ،حيال إيران وسوريا وافغانستان والصين وروسيا، وإخضاعها لسياستها الخارجية، ودعم مشروعها إقامة الشرق الاوسط الكبير،وضمان أمن اسرائيل ،في فرض التطبيع مع العرب ،وممارسة قانون العصا والجزرة، والترغيب والترهيب معهم، ومحاربة التنظيمات المتطرفة بكل أنواعها،( السنيّة والشيعيّة)، داعش والنصرة، والميليشيات الايرانية الولائية في العراق ولبنان واليمن وسوريا، وإلحاقهاعلى لائحة الارهاب الدولي،وإستطاع ترمب في فترة ولايته، أن يقضي على داعش في العراق وسوريا، وأن يقوم بإغتيال رموز ايران في المنطقة بعملية المطار( سليماني – المهندس)، وتدمير معسكرات لهم في العراق وسوريا، بمشاركة الطيران الإسرائيلي، إضافة لتدمير محاطات نووية ايرانية، ومحطات الطاقة ومعسكرات داخل ايران، بحرب سيبرانية ، إذن إستراتيجية الرئيس ترمب، لم تنته بَعد، إلاّ بإسقاط نظام الولي الفقيه في طهران، والذي يعتبر الراعي الأول للإرهاب في العالم حسب الرؤية الامريكية نفسها،في المقابل، واجهت سياسته داخل العراق ، حرباً علنية من قبل الميليشيات الخارجة عن القانون،والفصائل المسلحة الولائية وأحرجت مصطفى الكاظمي، وذلك بقصف السفارة وإرغام طواقمها الى الهروب الى اربيل، وغلق السفارة والقواعد العسكرية الامريكية في العراق ،ماعدا قاعدة عين الاسد وحرير ،وتبعها قصف السفارات الاوربية وتهديد أمنها ، وأعلنت نيتها غلق سفاراتها والرحيل عن العراق،وأزاء هذا الموقف، تم إحتواء عملية غلق السفارة ،بعد تهديدات حقيقية مباشرة من ترمب، لتصفية رموز وقادة الميليشيات والأحزاب الموالية لايران، كما جرى مع سليماني والمهندس ،وإعادة عزل العراق دولياً ،وفرض حصار اقتصادي خانق له، كما يحصل مع ايران، وضمّه الى الخندق الإيراني في عداوته لأمريكا واوروبا، وتمّت الهدنة بين الطرفين، بعد تدخلات وضمانات من الامم المتحدة ،بعدم قصف السفارات والقواعد من قبل الفصائل الولائية،واذا مافاز ترمب فسيكون الأمر منفتحاً على حرب لا هوادة فيها ،ولاهدنة ضد إيران وأذرعها الولائية، في عموم المنطقة،أما إستراتيجية بايدن في حال الفوز فستكون مختلفة تماما عن إستراتيجية ترمب، فبايدن صاحب مشروع تقسيم العراق ،فيما عرف( بمشروع بايدن)، وإعادة الاتفاق النووي الى واجهة الاحداث،وسحب جميع القوات الأمريكية من العراق، وربما رفع جزئي للحصارعن إيران، وفتح باب الحوار، وترويض النظام الإيراني، واجباره على التخلي عن برنامجه النوويوجره الى مفاوضات صعبة ومعقدة بينهما، وتخليّه عن الميليشيات في اليمن ولبنان واليمن ونزع أسلحتها، وربما الضغط عليها، ضمن شروط رفع الحصار،وإقناعها التطبيع مع اسرائيل، وفي العراق سيكون له صولات وجولاته، لاسيما وهو يمتلك رؤية كاملة عنه، وتربطه علاقات واسعة مع رموز الاحتلال مما يسمّى( بالمعارضة العراقية)، وشاهدنا هرولة هؤلاء الأقزام لتهنئته في الفوز،وتصاغرهم أمامه،مازلنا نتكهّن بفوز ترمب، ونتمنى أن يكمل إستراتيجيته التي أعلنها يوم إستلامه الحكم في الولاية الاولى، فماذا سيعلن في ولايته الثانية، من سياسة متشددة تجاه خصومه، وهو لم يكمل مابدأه ، من حرب ضد الارهاب، وأذرع ايران، التي تعبث في الشرق الاوسط ،وحولّته الى بؤر إرهابية متنفذة في المنطقة كلها، ومتسلطّة على مقدراته وموارده الهائلة، وهذا يتعاكس تماماً، مع المصالح الاستراتيجية العليا ،لأمريكا على مدى العصور، فهي تريد أن تضمن شيئنان في الشرق الاوسط، اولها إقامتها مشروع قامة الشرق الاوسط الكبير،بضمان أمن وإستقرار إسرائيل الى الأبد، وهذا يتجسّد الآن بمشروع صفقة القرن، والتطبيّع مع العرب، والآخر ضمان السيطرة على نفط العرب بأكمله،لعصور غير منظورة، وهذا يتعارض مع المشروع الايراني الكوني الديني التوسعي،لإقامة الامبراطورية الفارسية وعاصمتها بغداد(خسئت)، كما أعلن أكثر من رجل دين كبير، وقادة إيران للحرس الثوري الإيراني، فمَنْ سيردع إيران ويعطّل مشروعها التوسعي في المنطقة والعالم، الرئيس ترمب أم الرئيس بايدن، هذا هو السؤال، الذي أرى لاإجابته له في الوقت الحاضر،حتى يتبيّن الخيّط الأبيض من الخيّط الأسود، في سباق الرئاسة المحموم، والصراع الإنتخابي المحموم الى البيت الأبيض، وهو صراع حقيقي، ينذر بتفكيّك أمريكا وربما حدوث حرب أهلية في ولاياتها ،التي تشهد تظاهرات غاضبة ضد ترمب،وجميع التكهنات الإستباقية واردة، لقتامة المشهد الإنتخابي المعقد والساخن معاً،مانريد قوله الآن هو، أن الأحداث في منطقة الشرق الاوسط، تسير نحو المواجهة الحتمية، سواء جاء بايدن أو ذهب ترمب، وإنّ إمكانية حدوث مواجهات،ترجيحها أكثر من فرض الأستقرار والسلام في الشرق الاوسط، ليس لأنّ أمريكا تريد الحروب، ولكن لاأنّ امريكا واستراتيجيتها ،هي مَنْ يصنع الحروب في المنطقة، ويغذيها ويدعمُها ويخطّط لها ، وتنقلب عليه ،عندما تستمكّن منه، فسواء بقي ترمب أو رحل، فمصيرُ الشرق الاوسط، على كف عفريت والمزيد من الفوضى الخلاقة،طالما بقي الإرهاب جاثماً على صدور أهلها، وتدعمّه وتغذيّه أمريكا وإيران...
0 تعليقات