ليس بالشكر وحده تدوم النعم

مشاهدات



علي العوادي 


من المنطقي جدا أن الأمور الحياتية - بكافة جوانبها - مهما كانت سهلة المنال سائرة في مجراها الطبيعي تبقى بحاجة ماسة إلى متابعة مستمرة سواء على المستوى الأسري أو المجتمعي لتجنب التأثيرات الطارئة أولا بأول ، والتي قد  تتسبب بانحرافها نحو الجانب السلبي ، وبالتالي فقدان السيطرة على إعادتها إلى حالها  الذي كانت عليه ، وإذا كان الخلل في الأسرة هين لمحدودية تاثيراته فإن  المعضلة الكبرى تكمن في استشراء الأخطاء والمشاكل على المستوى المجتمعي دون وضع الحلول الناجعة لاصلاحها انيا ومستقبليا ، وبالتأكيد أن الخروج من الأزمات الكبرى لا يحتاج إلى أناس أخيار فحسب ، بل أناس يفقهون مايقولون ، واثقون مما يفعلون،  ويسمون الأشياء بمسمياتها الحقيقية ، وياثرون مصالح بلدهم على مصالحهم الشخصية حتى ولو كان بهم خصاصة ، فليس من المعقول أن البلاد التي حباها آلله بنعم لا تعد ولا تحصى تصبح وكأنها في حالة سبات وحيرة من أمرها اتنظر عن يمين أو شمال ؟ و لا تعرف من نظريات المال والإقتصاد سوى الاقتراض الداخلي أو الخارجي والذي سيجرها إلى منزلق لا خروج منه ، فلابد من تدارك الأمور في وضع حلول جذرية حتى ولو تطلب الامر الاستعانة والاستفادة من تجارب الآخرين لتقويم الانحراف الخطير في كافة المجالات ، فحق الوطن على مواطنيه أن يقدسوا أرضه وترابه وتاريخه ويصونونه باغلى مايملكون ويحمونه من طمع الطامعين وكيد الأعداء والحاقدين ، وبالمقابل فإن على ولاة الأمر في الوطن تسخير كافة الموارد الطبيعية واستغلال كافة الإمكانيات المتاحة بصورة علمية مدروسة واستبعاد من ليس لديهم المقدرة أو الرغبة أو(الغيرة) على وطنهم ، لا لنحيى حياة ترف وبذخ حالنا حال بعض دول الجوار بل لنلبي إحتياجات عوائلنا الأساسية من مأكل وملبس ودراسة وأمور إجتماعية ملحة جعلت بعضنا يطاطا راسه خجلا أمام البقالين وأصحاب المحلات التجارية بسبب تأخر صرف الرواتب وبالتالي تلكا في تسديد الأقساط في موعدها المتفق عليه ، الغريب في الأمر أننا أصبحنا نعيش حالة ترقب وخوف من المجهول لما سيؤول اليه حالنا و مستقبل أطفالنا ، فلا يطرق مسامعنا - خلال هذه الفترة- سوى أن الوضع الاقتصادي سيء بل ويتجه نحو الاسوء ، اما التفائل بوضع خطط إقتصادية سريعة - سيما وأن البلد يملك ثروات قل نظيرها في بلدان أخرى - فلا وجود له في الخطاب السياسي الذي أشر ومازال يؤشر أحيانا مكامن الخلل والتقصير بشكل عام يوحي للمتتبع وكأن المتسبب في ذلك الخلل من كوكب آخر ! . ديمومة النعم لا تحتاج إلى شكر وابتهاج فقط ، بل تحتاج الى تفكير وتخطيط وتدبر ، فإن لم نكن نستوعب خوارزميات الإقتصاد العالمية الحديثة فقد وضع أجدادنا العظام خارطة طريق واضحة ومبسطة ببضع كلمات عربية مبينة لا لبس فيها لتسيير أمورنا الاقتصادية سواء على مستوى الأفراد أو المجتمع ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله قبل 1400 سنة : (ما أخاف علىأمتي الفقر ، ولكن أخاف عليهم سوء التدبير ) ، وقال الإمام  علي بن أبي طالب عليه السلام  من تأخر  تدبيره تقدم تدميره).

إرسال تعليق

0 تعليقات