سحر صلاح الخزاعي
تحرص الحكومات على أن تتبنى سياسة التنويع والتجديد في مواردها الإقتصادية لرفد اقتصاديات دولها بما يسمح لها وضع خطط تنموية ثابتة لا تتعثر ولا تتعرض الدولة الى الإزمات الإقتصادية بما يضمن لها وضعا مريحا وإنتاجا وطنيا يحقق الرخاء لمواطنيها والذي يمكن قياسه من خلال متابعة نمو المدخولات السنوية للفرد.
في العراق كانت هنالك خطوات بهذا الإتجاه في فترة ستينيات القرن الماضي وماتلاها لغاية نشوب حرب الخليج مطلع الثمانينيات منه
فبعد نمو واردات العراق من النفط إنطلقت جهود لتعضيد هذه الواردات ورفدها من خلال الزراعة والصناعات الأخرى فالعراق بلد زراعي بأمتياز وتتوفر لديه كل مقوماتها وكذلك صناعي إن احسنت الحكومة التخطيط لذلك.
لهذا نجد وفي تلك الفترة المشار اليها نموا صناعيا لبعض الصناعات الخفيفة وكذلك البدء بمشروعات الصناعات الثقيلة ولكن مع إندلاع الحرب بين العراق وإيران إنقلبت المعادلة تماما وحصل تراجعا كبيرا مع انشغال الحكومة بالخرب وغياب التخطيط السليم نتيجة السياسات العامة الخاطئة وبدأ العراق يعتمد كليا على إنتاج النفط وهو مصدر احادي الجانب غير مستقر.
بعد التغيير السياسي في 2003 أمسكت السلطة مجموعة من الإحزاب لم تتمكن من التقدم خطوة واحدة بإتجاه انقاذ العراق من هذه المشكلة التي وبسببها يتعرض العراق لهزات اقتصادية متكررة مع كل انخفاض لسعر النفط.
فالعراق اليوم يكاد يخلو من صناعات يمكن لها ان تكون عونا في رفد الاقتصاد وتعاني زراعيا من أهمال ايضا الذي لايكاد ينافس ما مستورد من الخارج .
اليوم العراق دولة ريعية تعتمد على مايمكن أن تصدره من النفط لتملأ خزينتها وتنفق على مواطنيها ولكن في اول ازمة وإنخفاض لسعر النفط يبدو عليها مؤشرات الإنهيار وتبدأ بمعالجات ترقيعية لا تتهدى محاولة فرض الضرائب أو اجراء استقطاعات من مواطنيها الموظفين.
لذلك لوحظ وبشكل واضح في ازمة النفط في 2014 والأزمة الأخيرة إنها بدت عاجزة حتى من تدبير مستحقات موظفيها فلجأت الى الإقتراض الداخلي. والخارجي لكي تتجاوز الإزمة.
المسؤولون الكبار هنا منشغلون بتإمين وارداتهم الشخصية أولا من روتب ومستحقات والتي اصبحت كبيرة جدا بالقياس لواردات المواطن العادي
ففي الوقت الذي يتقاضى السياسي من برلماني او وزير او حتى مسؤول أدنى مايقارب 30 الف دولار شهريا نجد أن موظفا ٱخر لايتجاوز مدخوله الشهري 300 دولار او اكثر بقليل .
هذا التباين خلقته السياسات الخاطئة وجشع السياسيين في تأمين أمورهم دون الإلتفات للمواطن الآخر.
وأستمر هذا الإنفاق الكبير وهذه الإنشغالات الشخصية دون الإلتفات لوضع خطط إقتصادية تخرج العراق من مشكلة اعتماده على النفط فقط رغم مرور 18 عاما على التغيير الحاصل بعد زوال مرحلة الدكتاتورية .
لذا نجد قلق المواطن على مستقبله واضحا ذلك المستقبل الذي يعتمد على مصدر احادي الجانب يتعرض لمضاربات السياسة وسياسة العرض والطلب.
فمع كل أزمة نفطية عالمية تنشل حركة السوق بعد إن تنخفض مدخولات المواطن ليتعرض السوق الى ركود كبير.
الحكومة والسياسيين عموما ليس لديهم مايشر الى سياسة اقتصادية تعالج هذا الأمر والى وقت قريب رغم إن العراق كدولة لديه ما يؤهله أن يكون دولة اقتصادية كبيرة في انتاجه الزراعي والتجاري والصناعي الآخر غير النفط ولكن ماينقصه فعلا هو ذلك الحرص السياسي للخروج من هذه المشكلة
0 تعليقات