حبيبتي : إنتِصار

مشاهدات

علي الجنابي

  

مهلاً يا صاحبي!

لا تدعْ فؤادَكَ يسترطبْ ناظراً لغزلٍ بتغنجٍ وإجترار!                          

فلا هيامَ هنا و لاغرامَ وما عادَ في الوجناتِ من إحمرار, بل إنَّ إنتصارَ موظفةٌ تعيلُ أباها المُقعد وأخوتَها السبعةَ الصّغار..

فاتَتْها بهجةُ العرسِ ف(عَنَّسَت)، لكنّها راسخةٌ ولا تأبهُ إن بَصُرَت زفةَ عرسٍ في قِطار, فعندها من البرِّ لأبيها ومن المَودّة لأخوَتِها غرامٌ من ألفِ قِنطارٍ وقنطار.

مُحتشمةُ وبحجابٍ هيَ ومُتَنَعِمةٌ وبوجهٍ بشوشٍ بلا إستهتار.              

 لا تصافحُ رجلاً, وحاضرةُ الحرف فلا تَتَلكأ ولا تَحتار..

ولكن يا إنتِصار!

(إِنَّ هَٰذا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ), الشقاءُ على الرّجلِ وحدُهُ بأمر جليٍّ - لا دبلوماسيةَ فيهِ ولا تأويلَ - من الواحدِ القهّار, يا إنتصار! وهكذا قالَ اللهُ وهكذا فَسَّرَ الأخيار: إنها في دستورهِ: (تَشْقَىٰ) وما هي ب (تَشْقَيا) فلِمَ العَنَتُ والتشبُّهُ بالرّجالِ؟ لمَ الإصرار ياحبيبتي إنتصار؟

ولمَ نَسَفتِ نصّاً إلهياً محكماً فخَرَجتِ خارجَ أبوابِ الدّار؟ أوَمَا عَلِمتِ أنَّ المرأةَ ماخُلِقتِ إلّا سَكَناً لهُ مِن بعدِ شقاءِ يومِهِ، ومَودّةً في الحُجُراتِ ورحمةً لهُ وإستقرار ,فلا أزَّ ولا حزَّ ولا لمزَ ولا في الوجهِ إكفهرار؟

فوجهكِ الآن ياإنتصارَ لاينقصُهُ إلّا شنباً ليُشبِهَ وجهَ الحاج برهم المُختار!

يانبيلَ الحرفِ ياعمّاهُ:                                                                       

إن كانَ لاطاقةَ ليَ في مناطحةِ دستورِ (خولةَ)حرمُ أخينا الجار, أفأتَجَرَّأ على مناكفةِ دُستور مليكِنا الجبار!

أفَرأيتني لو كان أمرُ الإسلامِ قائماً, أفأخرجُ لرغيفِ خبزٍ وكسوةٍ وقلمٍ وقرطاسٍ ودِينار؟

بل لكنتُ الآن مُرضعاً لصَغيرتي, أغمِزُ لها بين فَخِذيَّ في ظلالٍ وسَمَار, لكنّه الهَمُّ والهضمُ والغمُّ والآهُ ياعمَّاهُ جعلني شبيهةَ ذي اللغو برهم المُختار , بل نسخةٌ من أناقةِ أبي مازنِ النّجارِ, رشيقةً كالمسمار, طموعةً كالمنشار.

وأوَّاهُ عمَّاهُ! فما ذاكَ إلّا أنَّ الناسَ عن حقيقِ الخيراتِ وَلّوا الأدبار, فَفَهِموا أنّ "التَعُدُّدَ" شهوةٌ, ونسوا أنّهُ تكافلٌ ولغيرةِ الرّجالِ إختبار,

وباتَ سنامُ الخيرِ عندَ الشواربِ والّلحىً, أن يَمنحوا درهماً في زقاقٍ لمُتَسولٍ منهار. بل أمسى أمرُ التكافلِ عندَهُمُ:

(فَاظْفَرْ بِذَاتِ الوظيفة؛ تَرِبَتْ يَدَاكَ)ولا حرجَ إن كانت ثيِّباً أو من الأبكار!

وياللعارِ ياعمَّاهُ ويا للعار!

فما هكذا ربَّاهُمُ نبيُّهمُ الجميلُ : المُصطفى المُختار!

أفَحَقَّاً عمَّاهُ, باتَ شقاءُ القارورةِ ودراهمُها أمنيةً ومغنماً للرجالِ الأخيار! أوَحَقّاً عمَّاهُ , أضحى شرطُ النكاحِ : [عليَّ دراهمُ الكسوةِ والرّغيفِ يا إمرأة, وعليكِ دراهمُ الإيجار],

أفهكذا هو القسطُ وهكذا هو العقد والإشهار؟ فلا خاتمَ زواجٍ ولا قلادةً ولا عطراً (باريسياً ولو مُقَلَّداً) ولا كسرةَ كرستالةٍ في إسوار؟!

لاتتزوَّجي يا حبيبتي إنتصار!

لا تتزوَّجي مادامَ الدلوُ في الجُبَّينِ شقاءً ومراراً وإستعمارَ ,

ثُمَّ إنَّ عندكَ ثمانيةَ أزواجٍ، وإنَّهمُ لخيرُ مشروعٍ لفِردَوس وخيرُ إستثمار, وهمُ بكِ أولى من عَريسٍ بئيسٍ تعيسٍ مُبَحلِقٌ لما في جعبَتِكِ من دينار.

يحيا العَنَسُ يا إنتصارَ, يحيا العَنَسُ ..

ويحيا العَنَتُ وقُبلةً على جبينِكِ إنتصارَ. ولا ذنبَ ولا تثريبَ عليكَ إن خرجتِ من الدار، وتوَجّهي بإستغفارٍ عن أوزارٍ غيرِ خروجكِ هذا للعزيز الغفّار,

ثمّ أنّ بابَ الرزق هو الإستغفار, ليُنزِلَ عليكِ من السماءِ المنحَ بكرمٍ ومدرار ,

وأيهٍ يا إنتصار! كَم وكَم من (رجلٍ) سَتُورِدِينَهُ وستَلفحُهُ بِسببِكِ النّارُ, ..

بِدأً مِن ولاةِ أمرٍ في ناصيةِ الحُكمِ يَرمَقونَكِ بإحتقار, نزولاً الى عَمائمَ كالحةً ضالّةٍ تَسرقُ وتدلّسُ جَهرَةً بإفتِخار, ثمّ أولو رَحِمٍ لا شاغلَ لهم إلّا حَكَّ مناخيرهُم بسذاجةٍ ومغرمون بالأهازيجِ والردح والتخاصمِ والإنكار,

ولا ننسى أولي قرابةٍ ذوو خسَّةٍ وطَمَعٍ لُؤماءُ وأشرار.

بُنَيَّتي أنتِ وأنتِ حبيبتي ياإنتصار .

أسمٌ على مسمى.