محمد خلفان الصوافي
هؤلاء الذين يقدمون تبريرات غير مسؤولة بهدف التلاعب بعواطف الشارع العربي والخليجي والاسترزاق من خلال الإساءة لدولة الإمارات، لا يستحقون أن نوليهم أي اهتمام، الزمن وحده كفيل بكشفهم.
موقف إماراتي واضح من القضية الفلسطينية
يلاحظ المتابع لتغريدات قلّة من الخليجيين حول مواقف حكوماتهم بشأن ما يحدث في مدينة القدس من انتهاكات إسرائيلية، اتجاها لتبني نوع من الخطابات المعبّرة عن حماس ديني بعيد عن الخطابات السياسية التي تحتاجها القضايا الحساسة. فيخلطون بين الدين والسياسة، وهو ما يذكرنا بخطابات حسن نصرالله، الذي تجده أحيانا يتفاوض مع الإسرائيليين على مزارع شبعا، أو خطابات المصري الهارب في تركيا مجدي غنيم، الذي اعتاد الخروج عن النص في نقد المواقف الخليجية العقلانية وبالأخص مواقف دولة الإمارات، وكأنهم يستعرضون عضلاتهم الفكرية أمام مريديهم وأتباعهم.
لسوء حظ هؤلاء فإن خطابهم ضد دولة الإمارات يتّخذ منحى لاعقلانيا في أكثر من زاوية ومن السهل الرد عليهم. فمن ناحية نجد أن موقف دولة الإمارات من القضية الفلسطينية هو الأكثر وضوحا من بين كل الدول العربية والإسلامية، وعلى رأسها تركيا، التي ترتبط بعلاقات استراتيجية مع إسرائيل، وتاجر رئيسها رجب طيّب أردوغان بالفلسطينيين في قمة دافوس عام 2009. على الأقل عندما قررت الإمارات أن تتعامل مع إسرائيل أعلنت ذلك على الملأ ولم تقم بعقد صفقات سرّية أو تتراجع عن دعمها للقضية الفلسطينية.
ومن ناحية ثانية، هناك تماهٍ بين قيادة الإمارات وشعبها وتوافق في المواقف التي تتخذها القيادة تجاه كل القضايا. وربما هذا ما يغيظ بعض الأعداء. ما تقوم به القيادة الإماراتية يجد دعما من الشعب، وهذا نادرا ما تجده في العديد من الدول العربية بما فيها بعض الدول الخليجية. وبالتأكيد فإن العلة ليست في الحكام الخليجيين أو العرب بقدر ما أن هناك عقولا لبعض مواطني هذه الدول التي تعاني خللا في تأكيد انتمائها لحكوماتها، فتجد البعض يعمل موظفا في الحكومة ويستلم منها الراتب، وفي الوقت نفسه يسيء لها وينتقدها بشكل علني، لا يتوانى عن “البصق في الطبق الذي يأكل منه”، فكل شيء للأسف عند هذه النوعية جائز ومقبول.
في دولة الإمارات ندرك أن مستخدمي هذا الخطاب يحققون بطولة إعلامية لمن يسيء لنا، مستغلين عفوية الشعوب العربية ونقاء ونظافة نفوسها. ثم لا يتردّدون بعد ذلك في وصفها بالغوغائية. والغريب في الموضوع أنهم “يلمحون” في انتقاداتهم إلى دولة الإمارات دون الإشارة لها صراحة، من باب الحرص والقلق، فهم ممن يتردد على زيارة دولة الإمارات، إما للتجول أو للاستفادة من خدماتها.
وندرك أيضا، أن أحد أسباب فشل حل القضية الفلسطينية هم المتاجرون بالقضية على مرّ الزمان من رجال الدين الذين ابتليت المجتمعات الإسلامية والعربية بهم، أمثال حسن نصرالله والقرضاوي. وللأسف، يبدو أن دول الخليج العربي أيضا بدأت تستنسخ هذه النوعية من المتاجرين بعد أن جذبهم الإعلام، والمهمّ عندهم هو أن يبقوا في ذاكرة المتلقي لأطول فترة ممكنة لأنهم يدركون جيدا أن الزمن كفيل بفضح مواقفهم.
“فقه الشتم” صراحة أو بالتلميح، لا يحتاج منهم إلى بذل الجهد أو العناء؛ شعاراتهم الرنانة ومفرداتهم من شاكلة “الانبطاح” يمتلأ بها قاموسهم، دون أن يدركوا أن هذا يتسبب في تهييج الشارع ضد الحكومات الخليجية وبالتالي تخريب الأوطان، لا يعنيهم الأمر طالما تمتعوا بكافة الامتيازات والمناصب والوجاهة الاجتماعية؛ شعارهم أنا ومن بعدي الطوفان.
استهداف دولة الإمارات واتهامها بأنها السبب في ما يحصل في القدس يوفران لهذه النوعية من تجار القضية الجدد في الخليج مساحة لتحقيق المزيد من المتابعين على حساباتهم في وسائل التواصل الاجتماعي. وبدلا من أن يساعدوا قادتهم في توضيح الرأي الشرعي في مثل هذه المواقف السياسية المعقدة التي تتطلب الحكمة والتفكير العميق، يلقون التهم على دولة الإمارات، ويحرّضون عليها الرأي العام العربي والإسلامي، ويحمّلونها مسؤولية الانتكاسات العربية التي كان سببها المتاجرون بالقضية الفلسطينية على مدى العقود الثمانية.
لا أحد يوافق على ما تقوم به إسرائيل ضد الفلسطينيين، سواء من الدول المطبّعة أو غيرها؛ الجميع، وبينها دولة الإمارات التي أعلنت موقفها الرافض لتلك الإجراءات وفق الأعراف الدولية، وبالتالي لا يُقبل التطاول على الإمارات إعلاميا، ومن خلال تويتر، لتحقيق أغراض شخصية قد تتسبب بمشاكل بين الشعوب، إلا إذا كان الهدف الأساسي من وراء التغريدة هو الإساءة.
هؤلاء الذين يقدمون تبريرات غير مسؤولة بهدف التلاعب بعواطف الشارع العربي والخليجي والاسترزاق من خلال الإساءة لدولة الإمارات لا يستحقون أن نوليهم أي اهتمام، لسبب بسيط هو أن كل من يخدع أبناء شعبه الزمن وحده كفيل بكشفه، والأمثلة التي تثبت ذلك واضحة وكثيرة. وقبل أن يوجه هؤلاء النقد لدولة الإمارات وموقفها من تطبيع العلاقات، عليهم ألا ينسوا زيارات المسؤولين الإسرائيليين إلى بلادهم أو زيارة مواطنيهم إلى إسرائيل. فالأولى أن ينتقدوا حكومة بلادهم ثم ينتقدوا الآخرين. هنا فقط تكمن مصداقية الموقف والشجاعة السياسية.
كاتب إماراتي
0 تعليقات