نسرين ولها : باحثة تونسية في علم الأحياء
يشير مصطلح "التّصلب" إلى أي تنكس ليفي في الأنسجة أو الأعضاء. ومع تقدم العمر، تفقد الأنسجة التي تتكون منها الشرايين مرونتها وتصبح أكثر صلابة.
يُعدّ تصلب الشرايين حالة خطيرة حيث تنسد الشرايين بمواد دهنية تسمى اللويحات: هذه هي الحالة الأكثر شيوعًا. الكوليسترول الضار LDL مسؤول عن تكوين لويحات تصلب الشرايين، وتشبه هذه الحالة الكلس الذي يسد أنابيب المياه. على مرّ السنين، تصبح هذه الرواسب مشربة تدريجيًا بالفيبرينوجين والصفائح الدموية وخلايا الدم والكالسيوم وتتصلب كنتيجة حتمية.
تتسبب هذه اللويحات في تصلب الشرايين وتضييقها، مما يحد من تدفق الدم وإمداد الأكسجين للأعضاء الحيوية، ويزيد من خطر الإصابة بجلطات الدم التي يمكن أن تمنع تدفق الدم إلى القلب أو الدماغ.
مرض تصلب الشرايين قلّما يُظهر أي أعراض في البداية، وقد لا يدرك الكثير من الناس أنهم مصابون به، ولكن يمكن أن يتسبب في النهاية في حدوث مشاكل صحية تهدّد الحياة، مثل النّوبات القلبيّة والسّكتات الدّماغية، إذا تفاقمت الحالة.
في البداية، يكون توسع الآفات تقدميًا ثمّ تظهر الاضطرابات في عمر 40-50 عامًا أو أكثر عندما يتم الوصول إلى المستوى الحرج لانسداد الشرايين (70 إلى 80٪) وحينها تتعرض خلايا الأعضاء (القلب والدماغ والكلى والعضلات ...) إلى نقص جليّ في مستوى الأكسجين.
ولكن يمكن الوقاية من هذه الحالة إلى حّد لا بأس به من خلال نمط حياة صحي، ويمكن أن يساعد العلاج في تقليل مخاطر حدوث مشكلات خطيرة.
إنّ مخاطر تصلب الشرايين إذا تركت دون ردعٍ طبي فإنّها تزداد سوءًا، ومن المحتمل أن يؤدي تصلب الشرايين إلى عدد من الحالات الخطيرة المعروفة باسم أمراض القلب والأوعية الدموية (CVD). لن يكون هناك عادةً أي أعراض حتى تتطور الأمراض القلبية الوعائية.
وتشمل أنواع أمراض القلب والأوعية الدموية ما يلي:
*أمراض القلب التاجية : الشرايين الرئيسية التي تغذي القلب(الشرايين التاجية) تصبح مسدودة بلويحات الذبحة الصدرية و إثرها يتعرض المريض إلى فترات قصيرة من آلام الصدر الخفيفة أو الشديدة ، والتي قد تسبق النوبة القلبية، حيث يتم منع وصول الدم إلى القلب، ممّا يسبب سحقًا مفاجئًا أو ألمًا يشبه عسر الهضم في الصدر يمكن أن ينتشر إلى المناطق المجاورة بالإضافة إلى ضيق في التنفس ودوخة السكتات الدماغية، حيث ينقطع إمداد الدماغ بالدم، مما يتسبب في تدلي الوجه إلى جانب واحد وضعف في جانب واحد من الجسم وتداخل في الكلام.
*النوبات الإقفارية العابرة (TIAs): حيث ترافقها أعراض مؤقتة للسكتة الدماغية.
*مرض الشرايين المحيطية: إذْ لا يتدفق الدم إلى الساقين، مما يسبب ألمًا في الساق عند المشي.
*مرض تصلب الشرايين يمكن أن يحدث لأي شخص، على الرغم من أن الأشياء التالية يمكن أن تزيد من مخاطر الإصابة به:
زيادة العمر، التدخين، الإجهاد، نظام غذائي غير صحي غني بالدهون، عدم ممارسة الرياضة ونمط الحياة المُستقر، وسائل منع الحمل عن طريق الفم، انقطاع الطمث، زيادة الوزن أو السمنة، وإدمان الكحول، أمراض التمثيل الغذائي كزيادة نسبة الكوليسترول والسكري والنقرس، والتاريخ العائلي لحوادث القلب والأوعية الدمويّة، وكَوْن المرء من أصل جنوب آسيوي أو أفريقي.
بالنسبة للتسمم بالتبغ، فإنّ أكثر من 10 سجائر في اليوم يضاعف بمقدار 3 خطر احتشاء عضلة القلب ؛ في حين أكثر من 20 سيجارة في اليوم ، يضاعف بمقدار5 خطر الإصابة باحتشاء عضلة القلب، في حين خطر الموت المفاجئ يتضاعف بمقدار 6.
إن قمع التبغ يجعل من الممكن تقليل الوفيات الناجمة عن الأوعية الدموية بنسبة 50٪ ذلك أنّ النيكوتين يُعزّز تضييق الشرايين المفاجئ (التشنجات) كما يقلل الدخان من إمداد الأنسجة بالأكسجين ويحافظ على مستوى مفرط من أول أكسيد الكربون في الدم.
بالنسبة للإجهاد، فإنّه يطلق الأدرينالين الذي يُسبّب تقلصات في الشرايين. عندما يتكرر الإجهاد في كثير من الأحيان، يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم الشرياني (ارتفاع ضغط الدم) والتشنجات الشريانية المتكررة التي "تبلى" نظام الشرايين وتعزّز تصلب الشرايين.
أيضا هناك صلة مباشرة بين النظام الغذائي الغني بالدهون الحيوانية وتصلب الشرايين حيث يرتبط نمو اللويحات الدهنية على جدار الشرايين بزيادة الدهون في الدم وخاصة الكوليسترول.
ويُعتبر تصلب الشرايين شائعا جدًا لدى مرضى النقرس (فرط حمض يوريك الدم). وهنا يبدو أن أسلوب الحياة هو موضع التساؤل لأن النقرس وفرط كوليسترول الدم هما نتيجة لعادات الأكل السيئة.
هناك ارتباط قوي بين ارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين مهما كان مصدره، فإن ارتفاع ضغط الدم يسبب أو يفاقم تصلب الشرايين كما أنّ العكس صحيح كذلك ، إذْ يؤدي تصلب الشرايين إلى تعقيد ارتفاع ضغط الدم وتفاقمه ..لذلك وجب على المرء قياس ضغط الدم أثناء الجلوس بعد 10 إلى 15 دقيقة من الراحة الهادئة من فترة إلى أخرى من أجل التثبت من سلامته .
عمُومًا، لا يمكن فعل أي شيء حيال بعض العوامل مثل التقدم في السن. فإذا كان عمر المرء يتراوح بين 40 و 74 عامًا، فيجب أن يخضع لفحص طبي كل 3سنوات أو أقل من ذلك ، والذي سيتضمن اختبارات لمعرفة ما إذا كان المرء معرضًا لخطر الإصابة بتصلب الشرايين والأمراض القلبية الوعائية.
أمّا بالنسبة للطرق الرئيسية التي يمكن من خلالها تقليل مخاطر تصلب الشرايين هي:
التوقف عن التدخين، اتباع نظام غذائي صحي، تجنب الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون المشبعة أو الملح أو السكر، تناول 5 حصص من الفاكهة والخضروات يوميًا. فإذا كان المرء يعاني من السمنة أو زيادة الوزن، فعليه اتباع نظام غذائي منخفض السعرات الحرارية ومخفض في الدهون والكربوهيدرات والكحول. أمّا إذا لم يُعانِ المرء من السمنة، فيجب أن يكون النظام الغذائي المتبع منخفضًا في الدهون الحيوانية المشبعة والكربوهيدرات سريعة المفعول. والحقيقة أنّ الغذاء يُوفّر حوالي 600 مجم من الكوليسترول يوميًا في المتوسط ، بينما يجب ألا يزيد عن 300 مجم. و بالتالي لا مفرّ من حمية الكوليسترول إذْ يُستحسن تناول الدهون النباتية الأحادية غير المشبعة المتعددة (عباد الشمس، الذرة، فول الصويا، بذور اللفت، الجوز، الزيتون، بذور العنب) . وتجنب الدهون من أصل حيواني والدهون المشبعة (الحليب كامل الدسم والزبدة واللحوم الدهنية وما إلى ذلك) قدر المستطاع.
التقليل من الأطعمة الغنية بالكوليسترول واستهلاكها باعتدال مثل صفار البيض واللحوم العضوية (المخ والكلى والكبد) والمكسرات واللوز والقشدة الطازجة وسرطان البحر والمحار وبيض السمك بما في ذلك الكافيار (بيض سمك الحفش).
في المقابل، يُفضل تناول الأسماك ولحم العجل والدواجن على اللحوم الدهنية خاصة لمن هو مُهدد بتصلب الشرايين. كما أنّ الثوم يلعب دورًا وقائيًّا هامًّا ضد تصلّب الشرايين فهو عبارة عن مميع للدم من خلال أحد مكوناته الأجوين الذي يمنع تراكم الصفائح الدموية.
كذلك ، يجب مُمارسة الرّياضة بانتظام، 150 دقيقة على الأقل من الأنشطة الهوائية المعتدلة مثل ركوب الدراجات أو المشي السريع كل أسبوع، و الحِفاظ على وزن صحي والحصول على مؤشر كتلة الجسم (BMI) من 18.5 إلى 24.9.
لا توجد حاليًا أي علاجات يمكن أن تشفي تصلب الشرايين تمامًا، ولكن تغييرات نمط الحياة الصحية المقترحة أعلاه قد تساعد في منع تفاقم المرض.
أحيانًا، قد يوصي الأطباء بعلاج إضافي لتقليل مخاطر حدوث النوبات القلبية والسكتات الدماغية، مثل:
الستاتينات و الفايبرات والكوليسترامين وهي الأدوية الرئيسية لقمع ارتفاع الكوليسترول، و أدوية ارتفاع ضغط الدم، وأدوية لتقليل خطر الإصابة بجلطات الدم - مثل جرعة منخفضة من الأسبرين أو كلوبيدوجريل ، وأدوية مرض السكري ، و في بعض الأحيان قد يتطلب الأمر إجراء عملية لتوسيع أو تجاوز الشريان المصاب - مثل رأب الوعاء التاجي أو تطعيم مجازة الشريان التاجي أو استئصال باطنة الشريان السباتي.
و أخيرا سأختم بذكر مستويات أبرز العناصر الحيوية في الدم :
مستوى الكوليسترول الطبيعي الكلي في الدم :
يجب أن يكون أقل من 2g/L
مستوى الكوليسترول الضار في الدم LDL :
لا يتجاوز 1,6g/L HDL
مستوى الكوليسترول الحميد:
أكثر من g /L0,35
مستويات الدهون الثلاثية الطبيعية:
أقل من 1 ,5g/L
مستوى السكر الطبيعي في الدم:
الصيام: 0.70 إلى 1 جم / لتر .
المستويات الطبيعية من الهيموجلوبين (البروتين الذي يحمل الحديد في الدم ):
• بالنسبة للرجال، من 13.5 إلى 17.5 جرامًا لكل ديسيلتر
• بالنسبة للنساء، من 12.0 إلى 15.5 جرامًا لكل ديسيلتر
المستوى الطبيعي لحمض اليوريك " حمض البول " في الدم :
عند الذكور: 35 إلى 70 ملجم / لتر .
عند الإناث:25 إلى 60 ملجم / لتر.
مع تمنّياتي الخالصة لكم بدوام الصّحة و السعادة و التوفيق و السّداد .
0 تعليقات