ما بين الثلث الأخير من القرن السادس والثلث الاول من القرن السابع كانت حياة النبي الأمّي العربي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم (22 أبريل 571 -8 يونيو 632) رسول الله الذي جاء بدين الإسلام وأشرقت بدعوته شمس التوحيد العظمى. بدأ بدعوته إلى عبادة الله ونبذ الشرك والوثنيّة وكل أشكال العنصرية والعبودية لغير الله. دعوة إنسانية شمولية لا تقف عند حدود الجغرافيا بكل معالمها الطبيعية والاجتماعية (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). وهنالك تحددت وتشكلت هويتنا الكاملة، لم تكن هويتنا قومية شوفينية، والوطن عندنا لا تنتهي حدوده فالأرض كلها لله خالقنا وخالق السماوات والأرض ومن لا يقيم شريعته فهو غاصب محتل. وبعد خلال عقود قليلة انتشر الإسلام ليشمل كامل جزيرة العرب ويحطم الإمبراطوريتين الفارسية والبيزنطية الرومانية. فلا قيصر ولا كسرى يهيمن على العالم، نظام واحد يحكم البشرية يستمد تشريعاته من القرآن الكريم، المسلم أخو المسلم بغض البصر عن قوميته ولونه وجنسه، انتهى بذلك النظام حكم الفرد الدكتاتور وحكم النعرات القبلية ولم تعد هنالك نزاعات وحروب بين القبائل والشعوب فهم يدينون بدين واحد ويخضعون لسلطان الله بموجب أحكام شريعته. بذلك الفتح العظيم وطبيعة النظام تشكل نظام عالمي تجاوز ما كان عليه العالم قبله في ثنائية القطبين الرومي البيزنطي والفارسي. من هنا فإن الإسلام ليس دينا طقوسيا كما كانت عليه الشعوب التي خضعت لنظام الدولة الرومانية استنادا لمقولة ما كان لله فهو لله وما ليقصر لقيصر وقبلت أن تكون مطية لتكفير كل من لا يخضع لنظام الحكم الروماني الذي يشرّع ما يتوافق مع مصالحه ونفوذه الإمبراطوري بالاستناد لأهواء وعقول البشر. الله في دين أو نظام الاسلام هو ليس كيانا ميتافيزيقيا يتربع على عرش من الخيال خارج معالم جغرافيا الكون والحياة. هو ربنا وخالقنا المهيمن على مقاليد السماوات والارض، وهو الخبير الذي يعلم شؤوننا ويقلبنا حيث يشاء ويملك حياتنا ووجودنا، وأن من أهم عناوين هويتنا أننا عباد لله وحده.
بلا شك أن واقعنا ما قبل ظهور رسالة الله التي بعث فيها النبي العربي الأميّ محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، ذلك الواقع يتطابق مع واقعنا المتردي حاليا، وبموجب جدل الوجود والنواميس الالهيّة فهو يُبشرنا بظهور الاسلام من جديد، دين الله الحق خالق الكون ومهندسه العظيم، هذا الدين لن يكون دينا بهلوانيّا تتحكم فيه طبقة معينة، وإنما دينا إنسانيّا لا يكيل لصالح قومية معينة أو أنساب كهنوتية. دين لله لا يقدس الأماكن والأبنية والهياكل الطقوسية، إن الأرض كلها طاهرة مقدسة، وإن الإنسان هو قدوس الله الأعظم الذي خلقه بيديه، وإن الجنة ليست ميتافيزيقية خيالية وإنما هي حقيقة تتحقق بالعدل والسلام والمحبة بين جميع البشر، دين يتجلى برحمة الله على العالمين، ليس رجعيّا باليا ويتسق مع منطق العصر والتقدم العلمي والحضاري.
لعلّ مصيبتنا اليوم كمسلمين تتجلى بوضوح فيما تشهده الأمتين العربية والإسلامية من صراعات سياسية وانقسامات طائفية وعرقية وقومية، وحروب بين المسلمين، هذه بحد ذاتها تمثل كارثة انسلاخنا عن هذه الهوية وتجعلنا بلا وجود ولا قيمة ولا اعتبار إنساني، الإسلام حررنا من عبودية الطغاة ومن جاهلية التمييز والتفريق بيننا، الإسلام حقق انسانيتنا بمكارم الأخلاق ونبذ الانحراف والسقوط في فخ الاقتتال بيننا، وبدين الاسلام تشكلت سيكولوجيتنا الذاتية والموضوعية في توازن المجتمع الاسلامي الذي ننتمي اليه. لم نسمع بنبيّ يناقض نبيّ آخر ويدحض نبوّة من سبقه، جميع الأنبياء أتت نبوّتهم عن مصدر واحد هو الله. في السياق ذاته أن مسألة النبوّة من حيث كونها حالة إنسانيّة، بنظرة مبسطة سنرى كل الأنبياء كانوا يسخطون على واقعهم ويدعون الى تغيره وجلهم كان عالما مصلحا، والبعض منهم كانوا زعماء لحركات إصلاحية وثوريّة وتشكلت أحزابا من خلال دعوتهم وخاضوا حروبا وأسسوا دول وأنظمة، كان موسى نبيّا وقائدا لبني إسرائيل وكان داوود نبيّ محارب ورجل دولة، وكذلك سليمان في مملكته وإنجازاته العمرانية وحكمته السياسية، والنبيّ العربي مُحمد الذي قلب كيان جزيرة العرب وأسس لنظام دولة عظمى امتدت حدودها من جنوب فرنسا غربا الى الصين شرقا. ربما لم يفطن الكثير لموضوع إثبات صدق النبوّة بمنطق العلم، أو جدل الدين الواحد مقابل، ويفتح لنا ثغرة في جدار الجمود المادي، بالتحديد نتحدث هنا عن النبوّة، وبشكل خاص أعني الأنبياء الثوّار اللذين أحدثوا تغيّرا في الواقع الإنساني إبتداءا من آدم مرورا بنوح الذي صنع سفينة البقاء الى إبراهيم الذي هشّم أصنام النمرود ثمّ موسى في عصاه التي ابتلعت أفاعي الطغيان وشقت البحر الأحمر ومرورا بمملكة داوود وسليمان حتى المسيح عيسى بن مريم الذي محق العجل الذي عكفت عليه اليهود ومهّد الطريق لثورة النبيّ الأمي المهدي محمد بن عبد الله في جزيرة العرب. لسنا بشأن استعراض مفاهيم معينة أو إثبات صحة دعوة دينيّة، المنطق الذي نعتمده يتجاوز الصور النمطية وغلاف الأشياء أو المسميات إلا من باب كونها أدلة محددة في سياق الموضوع. من هنا يعتبر فصل الدين عن الدولة نسفا تاما للدين والنبوّة.
وبالعودة الى الهويّة التي تجسّد وجودنا وكياننا الإنساني فقد لاحظنا أن أكثر الذين قاوموا الاحتلال واستشهدوا في سبيل الله كانوا أناسا غير متدينين وبعضهم كان ممن يجترح المخالفات الشرعية. وهذا لا يُستغرب أبدا لأن الله في قلب هؤلاء لا يتقيد بجدران المسجد أو عمامة ولحية رجل الدين الطقوسي. الله في ذات الانسان المضحي بحياته من أجله هو الحياة كلها، وهو الكيان العظيم الذي تتلاشى قيمة الروح أمام عظمته، وهو الشرف والأخلاق التي تجسّد ذاته الإنسانية.
بلا شك أن واقعنا ما قبل ظهور رسالة الله التي بعث فيها النبي العربي الأميّ محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، ذلك الواقع يتطابق مع واقعنا المتردي حاليا، وبموجب جدل الوجود والنواميس الالهيّة فهو يُبشرنا بظهور الاسلام من جديد، دين الله الحق خالق الكون ومهندسه العظيم، هذا الدين لن يكون دينا بهلوانيّا تتحكم فيه طبقة معينة، وإنما دينا إنسانيّا لا يكيل لصالح قومية معينة أو أنساب كهنوتية. دين لله لا يقدس الأماكن والأبنية والهياكل الطقوسية، إن الأرض كلها طاهرة مقدسة، وإن الإنسان هو قدوس الله الأعظم الذي خلقه بيديه، وإن الجنة ليست ميتافيزيقية خيالية وإنما هي حقيقة تتحقق بالعدل والسلام والمحبة بين جميع البشر، دين يتجلى برحمة الله على العالمين، ليس رجعيّا باليا ويتسق مع منطق العصر والتقدم العلمي والحضاري.
لعلّ مصيبتنا اليوم كمسلمين تتجلى بوضوح فيما تشهده الأمتين العربية والإسلامية من صراعات سياسية وانقسامات طائفية وعرقية وقومية، وحروب بين المسلمين، هذه بحد ذاتها تمثل كارثة انسلاخنا عن هذه الهوية وتجعلنا بلا وجود ولا قيمة ولا اعتبار إنساني، الإسلام حررنا من عبودية الطغاة ومن جاهلية التمييز والتفريق بيننا، الإسلام حقق انسانيتنا بمكارم الأخلاق ونبذ الانحراف والسقوط في فخ الاقتتال بيننا، وبدين الاسلام تشكلت سيكولوجيتنا الذاتية والموضوعية في توازن المجتمع الاسلامي الذي ننتمي اليه. لم نسمع بنبيّ يناقض نبيّ آخر ويدحض نبوّة من سبقه، جميع الأنبياء أتت نبوّتهم عن مصدر واحد هو الله. في السياق ذاته أن مسألة النبوّة من حيث كونها حالة إنسانيّة، بنظرة مبسطة سنرى كل الأنبياء كانوا يسخطون على واقعهم ويدعون الى تغيره وجلهم كان عالما مصلحا، والبعض منهم كانوا زعماء لحركات إصلاحية وثوريّة وتشكلت أحزابا من خلال دعوتهم وخاضوا حروبا وأسسوا دول وأنظمة، كان موسى نبيّا وقائدا لبني إسرائيل وكان داوود نبيّ محارب ورجل دولة، وكذلك سليمان في مملكته وإنجازاته العمرانية وحكمته السياسية، والنبيّ العربي مُحمد الذي قلب كيان جزيرة العرب وأسس لنظام دولة عظمى امتدت حدودها من جنوب فرنسا غربا الى الصين شرقا. ربما لم يفطن الكثير لموضوع إثبات صدق النبوّة بمنطق العلم، أو جدل الدين الواحد مقابل، ويفتح لنا ثغرة في جدار الجمود المادي، بالتحديد نتحدث هنا عن النبوّة، وبشكل خاص أعني الأنبياء الثوّار اللذين أحدثوا تغيّرا في الواقع الإنساني إبتداءا من آدم مرورا بنوح الذي صنع سفينة البقاء الى إبراهيم الذي هشّم أصنام النمرود ثمّ موسى في عصاه التي ابتلعت أفاعي الطغيان وشقت البحر الأحمر ومرورا بمملكة داوود وسليمان حتى المسيح عيسى بن مريم الذي محق العجل الذي عكفت عليه اليهود ومهّد الطريق لثورة النبيّ الأمي المهدي محمد بن عبد الله في جزيرة العرب. لسنا بشأن استعراض مفاهيم معينة أو إثبات صحة دعوة دينيّة، المنطق الذي نعتمده يتجاوز الصور النمطية وغلاف الأشياء أو المسميات إلا من باب كونها أدلة محددة في سياق الموضوع. من هنا يعتبر فصل الدين عن الدولة نسفا تاما للدين والنبوّة.
وبالعودة الى الهويّة التي تجسّد وجودنا وكياننا الإنساني فقد لاحظنا أن أكثر الذين قاوموا الاحتلال واستشهدوا في سبيل الله كانوا أناسا غير متدينين وبعضهم كان ممن يجترح المخالفات الشرعية. وهذا لا يُستغرب أبدا لأن الله في قلب هؤلاء لا يتقيد بجدران المسجد أو عمامة ولحية رجل الدين الطقوسي. الله في ذات الانسان المضحي بحياته من أجله هو الحياة كلها، وهو الكيان العظيم الذي تتلاشى قيمة الروح أمام عظمته، وهو الشرف والأخلاق التي تجسّد ذاته الإنسانية.
0 تعليقات