وإنّما هذهِ خاطرةٌ منّي ساهية، قد مَرَّت في بالٍ ماإنفكَّ يتساءلُ عن الأشياءِ "ماهي؟"،
وإنّما مَثُلُ كلماتي اللاغية اللاهية، وكلمات الطودِ الشّامخ "أبي العتاهية"، كمثلِ قشّةٍ واهيةٍ، تَطَّيَر في ريحٍ صِرٍ عاتية ".
ولعلَّ ذا صنعةٍ في سحر البيانِ وداهية، يتصدى لمقاليَ هذا ويردَّ عليَّ بمقالةِ شافيةٍ وافيةٍ وناهية، فيردّ بها الحقَّ للطّودِ "أبي العتاهية". وإنَّما حكمةُ حَرْفِ"ابي العتاهية" آسِرٌ، وإنَّ طَرْفَ أكَمََتهِ ساحرٌ، فما أبهاهُما!
لكنِ اليومَ سأقتحِمُ فأقصِفُ حرفَهُ، ولا أدري أقصفي هو قصفُ جاهلٍ بصفيرٍ، أم عصفٌ عالمٍ بصيرٍ، والأُولى هي الأقربُ لتصديقٍ وتقدير، فقد قالَ عملاقُ شعر الزهدِ والحكمة "ابو العتاهية" في بيتِ قصيدٍ من بحر الكامل: (سُبحانَ رَبِّكَ كَيفَ يَغلِبُكَ الهَوى .. .. سُبحانَهُ إِنَّ الهَــوى لغَــلُوُبُ)
وليتهُ جعلَ بيتَهُ: (سُبحانَ رَبِّكَ كَيفَ يَغلِبُكَ الهَوى .. .. سُبحانَهُ إِنَّ الهَــوى مَغْــلُوُبُ)، ذاك أن الهوى من الشيطان، و(..إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) وما كان (غَلّاباً) قطُّ، بيدَ أن العجبَ من شاعرِنا أنه أتى بجميعِ ما في اللغة من (أصناف توكيدٍ) ولم يبق من التوكيدِ شيئاً، بل وتجاوزَ حدودَ الضّادِ فصنعَ مفردةً جديدةً ليُرِيَنا أن الهوى غلّابٌ، فقد:
- أكَّدَ بجملةٍ إسميةٍ (الهَوى غَلُوُبُ)، ثمَّ أكَّدَها بالحرف (إنَّ) ، ثمَّ أردفَ فأكَّدَها بصيغةِ مبالغة على وزن فَعول (غَلُوب!!) من (غَلَبَ)، ثمَّ إنّهُ خّتَمَ بيتَهُ بأن زادَ وأكَّدَ على المبالغة بحرف التوكيد (لغَلُوب).
- ثمّ إنّا نراهُ يتساءلُ في صَدرِ بيتِهِ مُستغرِباً من رجلٍ وكيفَ يغلبُهُ الهوى، لكنه في عجزهِ يختمُ ب (إِنَّ الهَــوى لغَــلُوُبُ) فناقضَ صدرُ البيتِ عجزَهُ!
- ثمَّ أنه لا أثرَ في معاجم ( القاموس المحيط) و (لسان العرب) و(الصحاح) على بناءٍ مشتَقٍّ من الفعلِ (غَلَبَ) على وزن (فعول)، بلِ المفردات هي: (غَلَبَ، يَغْلِـبُه غَلْباً وغَلَباً، وغَلَبة ومَغْلَباً ومَغْلَبةً وغُلُبَّـى وغِلِـبَّـى، وغُلُبَّةً وغَلُبَّةً، وغَلْبُ وغَلَبُ وغَلَبَةُ مَغْلَبَةُ ومَغْلَبُ وغُلُبَّى وغِلِبَّى وغُلُبَّةُ وغَلُبَّةُ وغَلابِيَةُ واِستَغلَبَ أَغلبُ أغْلَبِيَّةٌ تَغَلَّبَ تَغليب تغالَبَ غَلَب غَلَبة غَلْبَاءُ غَلَّابونَ غَلاَّب غالَبَ غالبيّة مَغْلوب مَغالِبُ مُتغلَّب مُغالَبَه مُغلَّب و...) ولنا في (غالَب وغَلاَّب) ما يُشبعُ ويُروي .
- ثمَّ إنَّ العلَّةَ قد تكمنُ في ما يُدعى ب(ضرورة الشعراء)، وانا الجهول بها وبتفعيلةِ الشعر، لأنه لو إستبدلها بمفردة (مَغْلُوبُ) لأختلَّ الوزنُ بحركةِ سكونٍ، رُبَّما؟ ولكنِ المعلوم أنَّ الضرورةَ الشعرية لا تُخالفُ ثوابت المعاني، فتجعل من هوى النفس الواهن غلّاباً ، وتجعلُ من صدرِ البيتِ مُناقضاً لعجزه؟
- ثمَّ إنَّ ظاهرةَ إبتداعَ مفرداتِ جديدةٍ و(طائشةٍ) على اللسانِ العربي غير مرصودة ولا معهودة البتّة في كنوز إرث آبائنا الأولين، بل هي ديدنُ غالب الكتّابِ والأدباء المعاصرين، ولا يكادُ يسلمُ كاتبٌ مُعاصرٌ -إلّا مَن تَشَبَّعَت عروقُهُ ببيانِ الضّاد وسحرهِ- من هذا الإبتداع المجّ السمج، فترى أحدَهم يحلّقُ مُخترعاً مفرداتٍ كما يحلو لهُ، ما أنزلَ الله بها في لسان، ورُبَما يُطالعُنا أديبٌ مُحدَثٌ منهم بقيلَةٍ في قادمٍ من أيام (ذلك رجلٌ كَفيرٌ) وهو يريدُ قولَ (ذلك رجلٌ كفورٌ)،
هذا والله أعلم،
وإنّما مَثُلُ كلماتي اللاغية اللاهية، وكلمات الطودِ الشّامخ "أبي العتاهية"، كمثلِ قشّةٍ واهيةٍ، تَطَّيَر في ريحٍ صِرٍ عاتية ".
ولعلَّ ذا صنعةٍ في سحر البيانِ وداهية، يتصدى لمقاليَ هذا ويردَّ عليَّ بمقالةِ شافيةٍ وافيةٍ وناهية، فيردّ بها الحقَّ للطّودِ "أبي العتاهية". وإنَّما حكمةُ حَرْفِ"ابي العتاهية" آسِرٌ، وإنَّ طَرْفَ أكَمََتهِ ساحرٌ، فما أبهاهُما!
لكنِ اليومَ سأقتحِمُ فأقصِفُ حرفَهُ، ولا أدري أقصفي هو قصفُ جاهلٍ بصفيرٍ، أم عصفٌ عالمٍ بصيرٍ، والأُولى هي الأقربُ لتصديقٍ وتقدير، فقد قالَ عملاقُ شعر الزهدِ والحكمة "ابو العتاهية" في بيتِ قصيدٍ من بحر الكامل: (سُبحانَ رَبِّكَ كَيفَ يَغلِبُكَ الهَوى .. .. سُبحانَهُ إِنَّ الهَــوى لغَــلُوُبُ)
وليتهُ جعلَ بيتَهُ: (سُبحانَ رَبِّكَ كَيفَ يَغلِبُكَ الهَوى .. .. سُبحانَهُ إِنَّ الهَــوى مَغْــلُوُبُ)، ذاك أن الهوى من الشيطان، و(..إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) وما كان (غَلّاباً) قطُّ، بيدَ أن العجبَ من شاعرِنا أنه أتى بجميعِ ما في اللغة من (أصناف توكيدٍ) ولم يبق من التوكيدِ شيئاً، بل وتجاوزَ حدودَ الضّادِ فصنعَ مفردةً جديدةً ليُرِيَنا أن الهوى غلّابٌ، فقد:
- أكَّدَ بجملةٍ إسميةٍ (الهَوى غَلُوُبُ)، ثمَّ أكَّدَها بالحرف (إنَّ) ، ثمَّ أردفَ فأكَّدَها بصيغةِ مبالغة على وزن فَعول (غَلُوب!!) من (غَلَبَ)، ثمَّ إنّهُ خّتَمَ بيتَهُ بأن زادَ وأكَّدَ على المبالغة بحرف التوكيد (لغَلُوب).
- ثمّ إنّا نراهُ يتساءلُ في صَدرِ بيتِهِ مُستغرِباً من رجلٍ وكيفَ يغلبُهُ الهوى، لكنه في عجزهِ يختمُ ب (إِنَّ الهَــوى لغَــلُوُبُ) فناقضَ صدرُ البيتِ عجزَهُ!
- ثمَّ أنه لا أثرَ في معاجم ( القاموس المحيط) و (لسان العرب) و(الصحاح) على بناءٍ مشتَقٍّ من الفعلِ (غَلَبَ) على وزن (فعول)، بلِ المفردات هي: (غَلَبَ، يَغْلِـبُه غَلْباً وغَلَباً، وغَلَبة ومَغْلَباً ومَغْلَبةً وغُلُبَّـى وغِلِـبَّـى، وغُلُبَّةً وغَلُبَّةً، وغَلْبُ وغَلَبُ وغَلَبَةُ مَغْلَبَةُ ومَغْلَبُ وغُلُبَّى وغِلِبَّى وغُلُبَّةُ وغَلُبَّةُ وغَلابِيَةُ واِستَغلَبَ أَغلبُ أغْلَبِيَّةٌ تَغَلَّبَ تَغليب تغالَبَ غَلَب غَلَبة غَلْبَاءُ غَلَّابونَ غَلاَّب غالَبَ غالبيّة مَغْلوب مَغالِبُ مُتغلَّب مُغالَبَه مُغلَّب و...) ولنا في (غالَب وغَلاَّب) ما يُشبعُ ويُروي .
- ثمَّ إنَّ العلَّةَ قد تكمنُ في ما يُدعى ب(ضرورة الشعراء)، وانا الجهول بها وبتفعيلةِ الشعر، لأنه لو إستبدلها بمفردة (مَغْلُوبُ) لأختلَّ الوزنُ بحركةِ سكونٍ، رُبَّما؟ ولكنِ المعلوم أنَّ الضرورةَ الشعرية لا تُخالفُ ثوابت المعاني، فتجعل من هوى النفس الواهن غلّاباً ، وتجعلُ من صدرِ البيتِ مُناقضاً لعجزه؟
- ثمَّ إنَّ ظاهرةَ إبتداعَ مفرداتِ جديدةٍ و(طائشةٍ) على اللسانِ العربي غير مرصودة ولا معهودة البتّة في كنوز إرث آبائنا الأولين، بل هي ديدنُ غالب الكتّابِ والأدباء المعاصرين، ولا يكادُ يسلمُ كاتبٌ مُعاصرٌ -إلّا مَن تَشَبَّعَت عروقُهُ ببيانِ الضّاد وسحرهِ- من هذا الإبتداع المجّ السمج، فترى أحدَهم يحلّقُ مُخترعاً مفرداتٍ كما يحلو لهُ، ما أنزلَ الله بها في لسان، ورُبَما يُطالعُنا أديبٌ مُحدَثٌ منهم بقيلَةٍ في قادمٍ من أيام (ذلك رجلٌ كَفيرٌ) وهو يريدُ قولَ (ذلك رجلٌ كفورٌ)،
هذا والله أعلم،
0 تعليقات