محمد عبد المحسن
في مطلع الخمسينيات، في نهايات العهد الملكي في مصر، عُيّن قاهر الظلام طه حسين وزيراً للمعارف، فجاءته جمهرة من الأدباء والكتّاب لتهنئته، فقال لهم بصراحته وبلاغته المعهودتين : "أقْبلتُم حين أقبَلَتْ " ، ويقصد أنهم أقبلوا عليه حين أقبلت عليه الدنيا !.
ويروى عن محمود صبحي الدفتري ( السياسي العراقي الذي استوزر في العهد الملكي مرات عدة وتولى خلال الثلاثينيات والأربعينيات ثلاث وزارات هي العدل ، والمالية ، والخارجية ) أنه بقي مدة خارج المنصب فابتعد عنه كثير من الأصحاب والمعارف الذين وجدهم يتوددون ويتقربون إليه حين يكون على رأس المسؤولية ثم سرعان ما ينفظّون عنه حين يغادرها ، وحين استوزر من جديد في إحدى المرات جاءه فوج من هؤلاء للتهنئة وكيل المديح والتبجيل بعد انقطاع ، فما كان منه إلّا أن نهض ودفع كرسي مكتبه نحوهم قائلاً : "خذوا هذا الكرسي وسلّموا عليه ، فهو الذي أتيتم لزيارته"!.
أسوق هذين المثالين لأصدقاء أجد الحزن في كلماتهم وهم يتحدثون عن جموع من الناس كانوا يتقربون إليهم ويتسابقون لتقديم الخدمات لهم أيام وجودهم في مواقع المسؤولية ثم صاروا لا يجدون لهم اليوم أثراً ، وأقول لهم : كان عليكم أن تضعوا هذا اليوم في حسبانكم منذ يوم تسلمكم المسؤولية ، فهذا حال الدنيا والنفس البشرية ، وهذا هو السائد في المجتمع عدا استثناءات قليلة تزداد ندرة مع مرور الأيام .
حين يضع المرء هذه الحقيقة في الإعتبار يزول عنه الحزن والإستغراب ويعود الهدوء إلى نفسه .. عليه أن يذكر أن دوام الحال من المحال ، وأنه لا يملك وسيلة لإصلاح البشر وزرع الوفاء والصدق في النفوس ، وأن المنصب وسيلة للخدمة العامة أولاً وليس أداة لكسب الأتباع والمريدين ، وأن لا تطربه عبارات الثناء والإعجاب المصطنع حين يملك السلطة والقرار .
علينا أن لا نوغل في حب الجاه والتمسك بأهدابه والحزن لزواله .
لنتقبّل حقيقة أن الوفاء قد انحسر ، وقد أوجز الأديب الفيلسوف ألبير كامو مبدأً يتجاوز ما عرضته وتعدّاه إلى موقف أكثر شمولاً حين قال : " إن السعادة في الحياة تكمن في اليأس منها ".
ويروى عن محمود صبحي الدفتري ( السياسي العراقي الذي استوزر في العهد الملكي مرات عدة وتولى خلال الثلاثينيات والأربعينيات ثلاث وزارات هي العدل ، والمالية ، والخارجية ) أنه بقي مدة خارج المنصب فابتعد عنه كثير من الأصحاب والمعارف الذين وجدهم يتوددون ويتقربون إليه حين يكون على رأس المسؤولية ثم سرعان ما ينفظّون عنه حين يغادرها ، وحين استوزر من جديد في إحدى المرات جاءه فوج من هؤلاء للتهنئة وكيل المديح والتبجيل بعد انقطاع ، فما كان منه إلّا أن نهض ودفع كرسي مكتبه نحوهم قائلاً : "خذوا هذا الكرسي وسلّموا عليه ، فهو الذي أتيتم لزيارته"!.
أسوق هذين المثالين لأصدقاء أجد الحزن في كلماتهم وهم يتحدثون عن جموع من الناس كانوا يتقربون إليهم ويتسابقون لتقديم الخدمات لهم أيام وجودهم في مواقع المسؤولية ثم صاروا لا يجدون لهم اليوم أثراً ، وأقول لهم : كان عليكم أن تضعوا هذا اليوم في حسبانكم منذ يوم تسلمكم المسؤولية ، فهذا حال الدنيا والنفس البشرية ، وهذا هو السائد في المجتمع عدا استثناءات قليلة تزداد ندرة مع مرور الأيام .
حين يضع المرء هذه الحقيقة في الإعتبار يزول عنه الحزن والإستغراب ويعود الهدوء إلى نفسه .. عليه أن يذكر أن دوام الحال من المحال ، وأنه لا يملك وسيلة لإصلاح البشر وزرع الوفاء والصدق في النفوس ، وأن المنصب وسيلة للخدمة العامة أولاً وليس أداة لكسب الأتباع والمريدين ، وأن لا تطربه عبارات الثناء والإعجاب المصطنع حين يملك السلطة والقرار .
علينا أن لا نوغل في حب الجاه والتمسك بأهدابه والحزن لزواله .
لنتقبّل حقيقة أن الوفاء قد انحسر ، وقد أوجز الأديب الفيلسوف ألبير كامو مبدأً يتجاوز ما عرضته وتعدّاه إلى موقف أكثر شمولاً حين قال : " إن السعادة في الحياة تكمن في اليأس منها ".
0 تعليقات