الدكتور مهند العزاوي *
تعرفُ السياسةُ العامة (Public policy)، بانها ” نظامٍ إدارة وعمل تسعى الحكومة في الدولة إلى تطبيقها، والتحقق من التزامِ الجميع فيه ؛ سواءً أكانوا أفراداً أم مؤسسات”
وتُعرفُ أيضاً بأنها “برنامجُ عملٍ حكوميّ يحتوي على مجموعةٍ من القواعد، التي تلتزمُ الحكومة ومؤسساتها بتطبيقها في المجتمع”
وقد عرفها “جيمس أندرسن” ؛ بأنها “برنامج عمل هادف يعقبه أداء فردي أو جماعي في التصدي لمشكلة أو لمواجهة قضية أو موضوع”،
كما عرفها “ديفيد أستن” بأنها ؛ “نظام توزيع القيم في المجتمع بطريقة سلطوية آمرة, من خلال القرارات والأنشطة الإلزامية الموزعة لتلك القيم في إطار عملية تفاعلية بين المدخلات والمخرجات والتغذية العكسية”
ويرى “جابرييل ألموند” ؛ بأن السياسة العامة تمثل” محصلة عملية منتظمة عن تفاعل المدخلات – مطالب + دعم – مع المخرجات – قرارات وسياسات… – للتعبير عن أداء النظام السياسي في قدراته الاستخراجية والتنظيمية, التوزيعية الرمزية”
ومن التعريفات الأخرى للسياسة العامة: هي مجموعةٌ من الاتجاهات الفكريّة التي تسعى الحكومة إلى تنفيذِ الهدف الخاصة بها، من خلال الاعتماد على مجموعةٍ من الوسائل والأدوات، وقد تشملُ السياسةُ العامة تقديم مجموعةٍ من الفوائد العامة، مثل: توفير طُرق نقل مناسبة مما يساهمُ في تقديمِ العديد من الخدمات للمجتمع.
اذن السياسة العامة محصلة عملية منتظمة يتفاعل فيها عدة عناصر كالمدخلات او المرتكزات والمطالب الضرورية التي تراها الدولة من خلال التوجيهات الاستراتيجية او كمطلب شعبي او ضرورة وطنية ، وتوفر الدولة كافة وسائل الدعم والموارد والميزانية والقرارات الحاكمة لتنفيذ تلك سياسات، فالسياسات هي الوسيلة التي يتم بواسطتها تحقيق الأهداف والغايات التي تم تبنيها في الخطط الاستراتيجية ، ومن ابرز عوامل تقويم السياسات التقييم ثم تحليل السياسات .
خصائص السياسة العامة
- عملية منتظمة يتفاعل بها عدة عناصر كالمدخلات او المرتكزات والمطالب الضرورية التي تراها الدولة من خلال التوجه الاستراتيجي
- تحقيق المصلحة الوطنية إذ تسعى السياسةُ العامة إلى ضمانِ تحقيق مصالح المواطنين بما يتناسبُ مع حاجاتهم، ويحافظُ على حقوقهم، لذلك لا تقتصرُ السياسةُ العامة على فئةٍ معينةٍ من الأفراد، بل تشملُ كافة فئات المجتمع.
- تعتمد الحكومات في رسم سياساتها على توافق المصالح التجارية والاقتصادية والأمنية على النسق الدولي ومخرجات التفاعلات الدولية وتأثيراتها على الى المستوى المحلي
- تعتمدُ السياسةُ العامة على مجموعةٍ من الإجراءات المدروسة، والتي تساهمُ في تنفيذِ كافةِ الأهداف الخاصة بها.
- الموجه والمرشد للأفعال والقرارات لأنها تضع الأساس الذي يربط تلك الأفعال بالأهداف
- تستخدمُ السياسةُ العامة مجموعةً من الموارد البشريّة، والطبيعيّة، والصناعيّة، والتي تساعدُ على ضمانِ الوصولِ إلى النتائج المطلوبة بنجاح.
- تهتمُ السياسةُ العامة في الجمعِ بين كافة المؤسسات الحكوميّة، وتكليفُ كلٍ منها بمجموعةٍ من المهام والوظائف، التي تساعدُ على تطبيق السياسة العامة بنجاح.
- كلٌ هدفٍ من أهداف السياسة العامة يعتمدُ على مجموعةٍ من المعايير، والتي تقدمُ الأدوات المناسبة لتحقيق الأهداف بطريقةٍ صحيحة.
- ملزمة للجميع بصرف النظر عن مشاركتهم فيها أم لا، وغير قابلة للتأويل
- عملية معقدة للغاية وهادفة ومقصودة ويصيغها فريق حكومي وشبه حكومي
- تنتج مخرجات عملية ولها آثار مستقبلية فهي تهتم بوضع توجهات لفترات مقبلة
- تتضمن أفضل استخدام أو توظيف ممكن للإمكانيات المتاحة أو الموارد المتاحة
البيئة الاستراتيجية المحيطة بالحكومة
- البيئة التنظيمية:
يشكل الهيكل الدستوري للحكومة وبنيتها الوزارية ، وشكل الحكم فدرالي او مركزي، فضلا عن بنية الدولة وعلاقة المؤسسات الدستورية مع بعضها ، عناصر البيئة التنظيمية، وخاصة تنظيم العلاقة بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية
- البيئة الاجتماعية :
تشكل البيئة الاجتماعية عامل حيوي للحكومة في رسم السياسات ، نظرا لتأثيرات التركيبة السكانية المتعلقة بأعمار السكان ونشاطاتهم الاقتصادية ، وتوزيعهم السكاني والتجمعات البشرية ، وما له علاقة بالسياسات الحكومية في مجال التنمية والتعليم وادامة البنى التحتية كالطرق والجسور والمواصلات والمستشفيات والمدارس واشكاليات بالتوسع العمراني .
- البيئة الاقتصادية
هناك تكامل بين البيئة الاقتصادية والاجتماعية لاسيما في مجال صنع السياسات لما لها من تأثير مباشر كالمتغيرات الاقتصادية ومعدلات النمو والبطالة والتضخم ومستوى الاستيراد والتصدير والتعاقدات الاقتصادية والاتفاقيات التجارية مع دول أخرى، وكما تطرقنا ان العوامل الاقتصادية تلعب دورا مهما في عمليات السياسة العامة
- البيئة الإقليمية
الإقليم السياسي الجغرافي مؤثرات على السياسة الحكومية ،لاسيما المتعلقة بالأمن والمنافذ والاستقرار الأمني والتجاري والاقتصادي، فضلا عن الاثار الارتدادية لظواهر الإرهاب والجريمة المنظمة والنزاعات والحروب، وغيرها من ظواهر عدم الاستقرار والاخلال الأمني ، كما وتقوم الحكومات بدراسة البيئة الإقليمية من النواحي التجارية والمالية والديموغرافية، بغية رسم سياسات توائم التحولات الإقليمية في الجوار السياسي
- البيئة الدولية
تعتمد الحكومات في رسم سياساتها على توافق المصالح التجارية والاقتصادية ومخرجات التفاعلات الدولية ، وتأثيراتها على الى المستوى المحلي، اذ يأخذ بنظر الاعتبار صانع السياسة محددات العوامل الخارجية ، وجماعات المصالح ، وشكل الضغوط الدولية ، والتحولات السياسية والاقتصادية في رسم السياسات ، ويجري مناقشة كل عامل على حدة والخروج بمسالك توائم التحولات والتأثيرات الدولية .
تقييم السياسات العامة
التقييم هو عملية جمع وتحليل الأدلّة أو البيانات للحكم على مدى تحقيق مستوى الأداء أو الهدف، وتعدّ مرحلة التقييم (Evaluation) واحدة من أهمّ الخطوات الحتميّة التي يجب القيام بها بعد تنفيذ كافةّ المراحل الخاصّة بالسياسات، سواءً جوانبها الاقتصاديّة، أو الاجتماعيّة، أو السياسية، أو العسكريّة، أو حتّى الأكاديميّة
وتبين هذه العملية مدى سلامة الخطوات التي تمّ اتباعها، ومدى فعاليتها في تطبيق السياسات، كما وترصّد شكل وعدد الأخطاء الناتجة من اليات التنفيذ ، سواء كانت مؤسسية او الإدارات والافراد ، ويعد التقييم وتحليل السياسات هو الأساس في تقويم وتصحيح الأخطاء وتلافي الثغرات التنفيذية ، تفادياً لتفاقمها وانتقالها لمراحل تضعف السياسات العامة
وعملية التقييم تنقسم في واقع الأمر إلى قسمين رئيسيين هما التقييم الرسمي ، والتقييم غير الرسمي، ويعتمد التقييم الرسمي على الاستطلاعات المنظمة والزيارات المخططة والمقارنات المضبوطة ، واختيارات نظام القياس ووسائل الإحصاء والمسوحات الميدانية ، كما ويعتمد التقييم غير الرسمي على الملاحظات العابرة ، والأهداف الضمنية والعادات الفطرية والأحكام السريعة، ويشكل التقييم احد ابرز أدوات تحليل السياسات ، ورغم أن كلا النوعين مفيدان في تقييم السياسات والمبادرات والإجراءات الا ان التقييم الرسمي هو الأفضل والأكثر دقة في اتخاذ القرارات.
معايير التقييم
- مطابقة النتائج التي تمّ التوصل إليها مع ما تمّ التخطيط له مسبقاً، الحصول على مدخلات لعملية تحليل السياسات
- تقييم مدى مطابقة التنفيذ مع الوقت المخصّص له ، وسلامة الاجراءات والعمليّات التشغيليّة المختلفة.
- .تقييم كفاءة واداء الإدارات والكوادر المؤسساتية في تطبيق السياسات
- مطابقة تنفيذ العمليات ضمن التكاليف المخصصة لذلك.
- مدى تحقيق الفائدة لأطراف الحوكمة وتقييم قدرة المؤسسات في انفاذ السياسات بما لا يخل بالتوجيه ومطالب الجمهور
- مدى تحقيق الميزات التنافسية، والقدرة على إدارة المشاكل ، ومرونة التعامل مع المطالب
- حجم الخدمات الاجتماعية المقدمة ورضى أصحاب المصالح
- متانة الإجراءات التنفيذية واثرها على الجمهور وقياس الاستجابة
*رئيس مركز صقر للدراسات – خبير استراتيجي
0 تعليقات