الوطن والتماسيح السياسية

مشاهدات




محمد حمزة الجبوري


(اللي مضيع ذهب بسوك الذهب يلكاه واللي مفارك محب يمكن سنة وينساه بس اللي مضيع وطن وين الوطن يلكاه ؟؟) 

أذا بدأنا حديثنا بهذه المقطوعة الغنائية الجميلة للفنان العراقي  سعدون جابر التي فتح من خلالها جرحاً عميقاً ظل يراود الذاكرة الجمعية لعقود حاملاً في طياته غصة كبيرة و"فوبيا الضياع" الوشيك  لوطن مزقته السياسات العابثة وتوالت عليه الخطوب والرزايا الجسام جراء تطاحن الأحزاب وحروبها المتعاقبة لا لشيء سوى تحقيق ذاتها وبناء إمبراطوريتها على الجماجم  , رض بحوافرها صدر وطن كان المقدر له أن يكون قائداً لركب الشعوب بما حمل بين جنباته من تأريخ عتيد وحضارة عمقها التأريخ ,فلا بد أن نكون على مستوى الحدث الجلل الذي وصلنا إليه.. أيها المصلحون "الغواصون" في بحر التأريخ العتيد والباحثون عن الأوطان هلا أدلكم على شيء ينجيكم ويعينكم في مسيرة البحث والتنقيب الطويلة هو  "أن لم تعيدوا ترميم منظومة القيم ترميماً شاملاً عبر إجتماع قوى عاقلة راشدة في مشروع وطني مغاير عابر للطائفية السياسية ,وتستبدلوا "نمطية الإصلاح" البائسة بنمطيات أخرى تعتمد الولاء للوطن فحسب وتشرعوا إلى إلغاء كل الولاءات الجانبية الأخرى التي ستودي بكم في حالة التشبث بها كما هو ماثل في غياهب مظلمة ليس لنهايتها أمل ,وتقولوا بحتمية الهدم ومن ثم البناء ,وتقروا بحقيقة مفادها أن لا طائل من الترقيع وترميم الخراب الحاصل لن تر مبادراتكم التصحيحية النور"  ,فلا مقاربات ولا حلول تلوح في الأفق السياسي وسط استمرار الخطاب المحاصصاتي ذاته لدى الكتل المتأهبة لخطف المبادرة وركوب موجة الاحتجاجات مجدداً , هنا والآن التماسيح السياسية تذرف الدموع للضحك والنصب مجدداً على شعب وصل مصيره إلى النهايات والمستغرب بمكان أن الشعب لازال مصدقاً لكذبة الإصلاح الجديدة وما يسمى بالورقة البيضاء فهي ليست أكثر من "ذر الرماد في العيون"  ,بالمقابل على المواطن "ورقة التغيير" الحقيقية والفاعلة أن لا يرتجي من "شثاثة نثاثة" كما يتحدث المثل الشعبي بمعنى أن لا يعول كثيراً على البرلمان العراقي المنقسم على نفسه  والمليء بالسجال والزعيق المصدع للرؤوس والذي يصدق عليه القول "ضجيجاً سياسياً "( ما أكثر الضجيح وقلة الحجيج ) كما يقال , ولا نعلم  صراحة من أين سقط في قلبهم كل هذا العشق للوطن والتباكي على قرب إنهياره وهم كمن يقتل القتيل ويسير في جنازته مع المشيعين ,أليست هذه القوى الجالسة اليوم تحت قبة البرلمان هي من سارت على نهج المحاصصة المقيتة  التي كانت تسميها "التوازن السياسي" ؛ وتارة الإستحقاق الإنتخابي وأنها الضليعة في دخول العراق جراء تماديها في البحث عن مواطئ قدم تنفيذية  في دهاليز وظلمات حالكة لا نهاية لمددها واليوم نعيش لظاها لدرجة أصبحت الدولة عاجزة عن دفع لا أقول رواتب موظفيها بل مستحقات موظفيها التي كفلها القانون جراء تراكم الفساد والفشل وسوء الإدارة ,أن أستمرت النمطية ذاتها سيصحو العراقيون على "وهن" وليس "وطن" ..وأكتمل السبات .

إرسال تعليق

0 تعليقات