محمد خلفان الصوافي
التنمية الشاملة كانت هي الثيمة البارزة خلال الأعوام الماضية لمسيرة دولة الإمارات، وكانت تنمية الإنسان والاهتمام به محور كل هذه النجاحات التي ما زالت تلفت انتباه المراقبين في العالم.
قصة نجاح
احتفلت دولة الإمارات العربية المتحدة، الأربعاء، باليوم الوطني التاسع والأربعين لتأسيسها على يد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وذلك في الثاني من ديسمبر من العام 1971، حيث يستذكر الإماراتيون هذا اليوم بفخر لما له من رمزية وجدانية في نفوس مواطنيها ومن عاش فيها من المقيمين، من عرب وأجانب، فالكل يرتبط بحنين سجلتها ذكرياته في الدولة المضيافة.
لقد كانت التنمية الشاملة هي الثيمة البارزة خلال الأعوام الماضية لمسيرة دولة الإمارات، وكانت تنمية الإنسان والاهتمام به محور كل هذه العملية التي ما زالت تلفت انتباه المراقبين في العالم في محاولة لاستكشاف سرّ هذه التجربة. فقد حققت الإمارات إنجازات نموذجية في الأداء العام شملت كل مجالات الحياة السياسية والاقتصادية.
الإمارات أصبحت دولة لها كلمتها في المسائل التنموية التي تهمّ الإنسان، ولها كلمتها في معايير العلاقات الدولية حيث استطاعت خلال هذه الفترة القصيرة من عمرها أن تكسب ثقة العالم
وبجانب أنها باتت واحدة من ضمن الدول المؤثرة في السياسة الدولية من خلال نشاطها الدبلوماسي سواء من خلال دبلوماسية المنظمات أو على المستوى الثنائي، فإنها تمثل ثقلا اقتصاديا إقليميا، وكل ذلك انعكس على واقع رفاهية الإنسان الإماراتي والمقيمين فيها. وكان إطلاق أول مسبار عربي إلى الفضاء لاكتشاف المريخ أحد أوجه نجاح هذه التجربة التنموية، مسجلة بذلك سبقا عربيا في هذا المجال المهم.
إن الشيء الذي لا يختلف عليه أحد، أن الشيخ زايد بن سلطان مؤسس الدولة التي نحتفل بذكراها هذه الأيام، زعيم يمتلك بُعد نظر وإرادة سياسية لا حدود لها سوى الإيمان بما يريده، فإذا كانت تجربة تأسيس أول اتحاد عربي ناجح في إقليمنا هي بمثابة “حلم” لدى الكثير من قادة العرب، ولكنهم فشلوا، فإن طموحه وإيمانه بقضيته التنموية بأن يصل الإنسان الإماراتي إلى الفضاء كباقي دول العالم المتقدم، كانا مجرد “فكرة” وثّقتها السجلات ولكنّ أبناءه حولوا تلك الفكرة إلى “واقع” عشناه جميعنا في العام 2018.
ويدرك أغلبنا أن الـ49 عاما هي فترة قصيرة في حسابات بناء الدول، إلا أنها في الإمارات شهدت نقلة نوعية كبيرة مما يعطي انطباعا ورسالة قوية بأن هناك عملا وطنيا تستعد له القيادة السياسية الإماراتية للخمسين عاما القادمة، حيث بدأت الاستعدادات لتلك المرحلة وفق القيم الخاصة التي تركها المؤسس، وهي الإيمان بالعمل من أجل تحقيق الهدف لأنه لا توجد كلمة مستحيل لدى قادة هذه الدولة، وهي فلسفة فكرية لا تحتاج من بذل جهد كبير كي نشرحها، لأنه يمكن مشاهدتها على أرض الواقع ومتابعتها من خلال العديد من المشاهد اليومية.
بشهادات دولية، الإمارات أصبحت دولة لها كلمتها في المسائل التنموية التي تهمّ الإنسان، ولها كلمتها في معايير العلاقات الدولية حيث استطاعت خلال هذه الفترة القصيرة من عمرها أن تكسب ثقة العالم وتصبح محل تنافس لكسب ودّها من الدول الأخرى، بعد أن أثبتت أنها دولة تمتلك كل المقومات الضرورية لإنجاح أي تجربة تنموية.
الإمارات باتت واحدة من ضمن الدول المؤثرة في السياسة الدولية من خلال نشاطها الدبلوماسي سواء من خلال دبلوماسية المنظمات أو على المستوى الثنائي
يشعر الجميع، مواطنين ومقيمين، بالفخر والاعتزاز في بدايات شهر ديسمبر من كل عام، لانتمائهم إلى دولة الإمارات حتى لو عاشوا لفترة زمنية قصيرة، ليس فقط لأن القيادة الإماراتية والمسؤولين يغتنمون مثل هذه الفرص لبثّ روح من الفرح والسعادة لأن الجميع شارك أو لا يزال يشارك في العمل من أجل تحقيق الإنجازات في هذه الدولة، ولكن لأن هذا اليوم يذكّرهم بحلم عالمي صعب على العالم تحقيقه وهو: الاستقرار الذي يؤدي إلى التركيز على البناء والعمل. هكذا كان يفكر الشيخ زايد بن سلطان.
قيام دولة الاتحاد في السبعينات من القرن الماضي كان هادئا. ورغم أن البعض لم يكن يعتقد بإمكانية استمراريته، إلا أنهم مع مرور الوقت اقتنعوا برسوخه وقوته، كنتيجة طبيعية لإصرار وإرادة أبنائه وزعيمه الذي أسسه، ومع مرور الوقت أصبحت قصة نجاح “الاتحاد” إلى بيئة لتوالد “الإبداعات” التنموية والأفكار الداعمة له، وكأن قناعات مؤسس الاتحاد تتحول بعد وفاته إلى ردود عملية تثبت صحة رؤيته ورهانه على هذه التجربة الاتحادية التي بدأ مخططوها الاستراتيجيون يفكرون في الخمسين سنة القادمة.
0 تعليقات