ولاء العاني
سقطت سماعة الهاتف من يدها بعد ان سمعت صوت حبيبها الذي غادرهم منذ عام الى العالم الاخر وحضرت عزاءه ولازالت تلبس ثياب الحزن عليه ولم تنقطع عن زيارة قبره رغم ان اهلها حبسوها دون ان يغلقوا عليها الابواب . كانت تتحين الفرص وتذهب لتسقي الازهار التي بذرتها . أفاقت لتجد نفسها في سريرها وصوت الطبيب يخبر اباها انها تعاني من انهيار عصبي شديد .
قال له : عليكم ان تتركوها ترتاح ولو امكن ان تسافر في رحلة الى خارج المدينة ...
رد الاب : حسنا سأفكر فلدي اقارب في الريف ولكن المشكلة انها تخاف من الحيوانات! ...
اصر الطبيب قائلا : هي في حالة لا تعي ما حولها ولن تنتبه الى وجود اي حيوان قِطاً كان ام كلب .
ابقت عينيها مغمضتين بعد ان رحل خيالها الى حبيبها العائد من الموت .
هل ياترى كان هو ام صوتا يُشبهه ؟
لالالا . قالت : في نفسها بل هو فقد قال لي اشتقت لك يامهجة قلبي .
وهذه كانت كلمة السر التي لم اخبر بها احدا !
انه هو عرفته من همساته وانفاسه ...
إنتظرت حتى تكون لوحدها وعدلت هيئتها ثم جلست تفكر .
هل اتصل به ؟ ام اقفز من الشباك واذهب لأطوف حول بيتهم ؟
هل ابعث له رسالة مع اختي ؟
اخشى ان يقولوا اني جننت ؟ ... لكنه هو ...
احضرت ورقة وقلما واخذت نفساً عميقا ثم رسمت دوائر مرتبة الواحدة جنب الاخرى وراحت تضع لنفسها خطة . كما علمها هو حين لا تجد حلا لمعضلة تواجهها عليها ان تضع افكارها في الدوائر وترقمها حسب الاوليات وهكذا فعلت .
في الاولى : عليها ان تظهر انها لازالت مريضة كي تبتعد عن البيت ومن المزرعة ستجد لها طريقا . وفي الثانية : ان تبعث رسالة الى ابنة خالها او صديقتها التي تزوجت قبل اشهر . آه . تذكرت الان زوجها هو الذي كان سيأتيني بالخبر اليقين .
لكن هل سيسمح لها بزيارتي ؟
امسكت هاتفها ويدها ترتجف . ردت عليها حبيبتي ما اخبارك ؟
اشتقت لك وياليتك كنت معنا الان . كاد قلبها ان يتوقف لكنها اجابت بصوت متقطع :
ماذا ... اين انتم الان ؟
لقد حجزنا 3 ايام في فندق خارج المدينة ...
حسنا من فضلك عندما تعودي اريدك ان تأتي لزيارتي في مزرعة ابو محمد هل تتذكريها ؟
سأذهب الى هناك لأيام فانا بحاجة الى الابتعاد عن البيت وعندي طلب خاص منك وضروري ان يكون زوجك معك !
اجابتها : حسنا حبيبتي لا تقلقي سأكون عندك بعد اربعة ايام .
نهضت وجمعت اغراضها ثم نزلت وعلى وقع خطواتها كان الكل ينظر اليها بعطف وحزن لكنها كانت متماسكة .
قال ابوها : ما رأيك ان نذهب الى مزرعة الحاج احمد ؟
اجابته : الرأي رأيك .
متى تحب ؟
الان ان كان ممكنا ؟
حسنا سأتصل بشركة سيارات الاجرة ليرسلوا لنا سائقا يعرف الطريق !
حسنا يا أبي : سأكون جاهزة بعد ساعتين ...
وصلت سيارة الاجرة فحملت الخادمة حقائبها وجلست هي بارتياح بعد ان احست بانها الان حرة بعيدة عن القيود التي تمنعها من البحث عنه وتهادى الى مسامعها الاغنية التي كانوا يحبونها . نظرت باستغراب الى السائق وأرادت سؤاله فبادرها بصوتٍ تعرفه اشتقت اليك حبيبتي ...
صدق ظني فانه حي ...
0 تعليقات