د. فاتح عبدالسلام
الأدبُ، مهما كان نخبوياً فهو ليس ترفاً منفصلاً عن بنية المجتمع، بل هو صورة معبّرة عن وهج المجتمع وتياراته واتجاهاته وكمية الآمال والاحباط فيه.
تناول الاديب العراقي لمحات مهمة من هواجس الانسان والحياة في حقب مختلفة، تلك اللمحات التي تفيد أي دارس للتاريخ والوضع النفسي للانسان وبيئته.
شهدنا قبل أكثر من أربعين سنة مثلاً، اصدار منتخبات من الاعمال القصصية لكتّاب عراقيين من مختلف الاجيال، وبالرغم من عدم دقة بعض الاختيارات ومحاولة تهميش أسماء ليست على توافق مع الوضع العام في البلد حينها أو ربّما ليست على توافق مع الجلسات الليلية في نادي الادباء بساحة الاندلس ببغداد، ليس أكثر. برغم ذلك رأينا كتابين للمختارات القصصية في فترات متقاربة، الكتاب الاول أعدّه القاص الراحل موسى كريدي، أمّا الثاني فأنجزه الناقد سليم السامرائي .
الان نقترب من طيّ نصف قرن على تلك المختارات. تطورت الكتابة القصصية في العراق، وخرج جيل جديد له تأثير وبصمة في العالم أحياناً، وليس في المجال المحلي عبر مشاركات ومؤتمرات وندوات وجوائز. ولابدّ من إعادة الرؤية والتأمل والفرز والاختيار في المشهد.
من خلال هذه الزاوية، انتهز وجود وزير للثقافة على صلة وثيقة بالوسط الابداعي والأكاديمي وجزء من المشهد الثقافي، لندعوه أن يتبنى إناطة مهمة اصدار مجلد المختارات للنتاج القصصي العراقي في خمسين عاماً، الى لجنة عراقية من أدباء ونقّاد من داخل البلد وخارجه، وأن تقوم اللجنة بمناقشات مستفيضة لتحديد الاختيارات بتجرد عن أية نزعات وأهواء مصطنعة ودخيلة تعرقل اختيار النص الابداعي، لكي تكون تجربة أصيلة في الانحياز للفن والابداع، ولإعادة شيء من الاعتبار للمشهد الادبي في العراق، بعد أن عادت وضربته رياح سياسية مجدداً، بما يكرس الانعزالية والانقسامات والتهميش.
المسألة لا تقتصر على مختارات في القصة العراقية من خمسمائة صفحة ، وانّما هذا على سبيل المثال، في هذا الجانب من الثقافة العراقية.
0 تعليقات