موفق الخطاب
أصبح الشغل الشاغل اليوم وحديث الساعة في كل بيت ومحادثة ولقاء هو اتخاذ القرار بأخذ تطعيم فايزر بوينتك الأمريكي/ الألماني أو الركون للقاح سينوفارم الصيني المنشأ, أوالتريث لحين. وبعضهم يفضل الامتناع عن أخذه بسبب التحذيرات والتشويش الذي غزا أجهزتنا المحمولة وضاعت معه الحقيقة.
ومثلما كثر اللغط وانقسم العالم إلى فريقين متضادين في منشأ فايروس كورونا, فهل هو حقا فايروس مُصنّع أم هو فايروس طبيعي كعشرات الفايروسات والأوبئة التي اجتاحت الكرة الأرضية منذ اليوم الأول للخليقة؟
واستمر هذا الحال من التنظير والصراع الجدلي بين الفريقين منذ أن اجتاح الفايروس العالم بأجمعه وكل فريق يسوق حججه وبراهينه.
كما حصل انقسام آخر وصراع مرعب حتى داخل الفريق الواحد الذي يرجح أن الفايروس هو مُصنّع وهو ضمن نطاق الحروب البايولوجية للسيطرة على مقدرات العالم وصولا للعالم الأوحد والحكومة الواحدة والعملة الواحدة ليتحكم في نهاية المطاف المنتصر بفرض قطب اقتصادي واحد تتبعه في نهاية الأمر البشرية جمعاء وتنهار بعدها كل القوى والاقتصاديات المتصارعة, وظهر ذلك جليا بين العملاقين الذين لم يعد خافيا على أحد دورهم المريب في كل الأحداث التي رافقت هذا الوباء وانتشاره (أمريكا و الصين ).
وفي نفس الوقت انسحب هذا الصراع وألقى بظلاله على الجميع فراح كل من هب ودب يدلو بدلوه بغير علم ولا دراية ليتناول الموضوع من وجهة نظره على ضوء ما تلقاه سمعه وبصره من هذه الفضائية أو تلك, لتزداد الحيرة والتيه عند عامة الناس, في عالم أصبح بفضل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي مليئا بالفبركة والغش دون أي وازع ديني وأخلاقي ولا رقيب ولا قانون صارم يضبط ذلك الإنفلات في النشر.
أما اليوم فنحن أمام مرحلة جديدة ولم يعد يهم الناس إن كان ذلك الفايروس هو من نتاج مختبرات الدول الكبرى التي لا تضع في حساباتها حقوق الانسان ولا مصالحه, ولم يعد من أولوياتهم أن يعرفوا أين تم تصنيعه في ووهان أو جبال الهملايا أو أفغانستان وقم وطهران ؟ أم هو فايروس طبيعي حاله كحال الطاعون والجدري والتايفوئيد والكوليرا والسارس والآيدز وإيبولا التي اجتاحت العالم ثم تمكن العلماء من تحجيم بعضها والقضاء على الآخر نهائيا .
اليوم وبعد أن وقعت الواقعة فليس لها من دون الله كاشفة ,بات العالم بأسره يبحث عن مخرج بعد أن توقفت فيه عجلة الحياة وبعد أن حصد ذلك الوباء مئات الالاف من الضحايا وأصاب الملايين وأقعد مئات الملايين عن عملهم وضرب اقتصاديات الدول والشركات والأفراد في مقتل, وأبطأ من عجلة التطور والتعليم وعزل الدول والشعوب عن بعضها وشل المطارات , ولولا رحمة الله وتوقيت اجتياح هذا الفايروس العالم في عصر التقنية الهائلة التي تميزت ونجحت في إبقاء التواصل عبر برامجيتها وتطبيقاتها وتمشية مصالح الناس والتعليم عن بعد لانكمش العالم ولكان عام سبات لا يفرق عن أحد أعوام أهل الكهف !
اليوم بلا منازع الكلمة الفصل هو ليس بيد القادة ولا السياسيين ولا ضاربي الحظ ولا المنجمين و قارئي الفنجان ولا الكتاب ولا المنظرين والمحللين , فليصمت هؤلاء جميعا , فقد أصاب آذاننا الصمم من زعيقهم وزاغت الأبصار من مداد أقلامهم ,القول الفصل اليوم هو لأهل العلم والاختصاص العاملين في حقول المختبرات وتطوير اللقاحات والأطباء, وكل من يزاحمهم ويشوش عليهم عملهم الإنساني فهو آثم مجرم..
ومن الغباء بمكان أن يلتفت البعض لأراجيف الجهلة بالتحذير من تلقي التطعيم ونسف جهود العلماء الصامتين الذين واصلوا الليل بالنهار لينقذوا البشرية من هلاك محقق , ليخرج إلينا بعضهم بمقطع فيديو لا يعلم مدى مصداقيته بأن عدة أفراد في بلد يقطنه عشرات الملايين قد لاقوا حتفهم بعد تلقيهم التطعيم دون أي دليل على صدق ذلك, وآخر يستند إلى العثور على كتابات حجرية وأسطورية للرجوع بالبشرية إلى المليارالذهبي ! وآخر لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بعالم الفايروسات والبحوث والاستكشافات وتراه إما رجل سياسة أو اقتصاد أو طبيبا أو مختبريا قد هجر الطب منذ أمد بعيد , ومنهم أنصاف متعلمين, ليعقدون مؤتمراً يشطحون فيه بآراء متطرفة وأحيانا مضحكة في التشكيك في جهد العلماء ونسف بحوثهم الرصينة , فتارة يروجون أن اللقاح يحوي على رقائق مجهرية تجعل من جسم الانسان هوائي مرتبط بالأقمار الصناعية وليسيطر عليه عن بعد ويتم التحكم في حياته فضلا عن اختراق حساباته البنكية!!
بل يذهب بعضهم لأكثر من ذلك تخريفا بأن المادة المدمجة في التطعيم قادرة على اختراق نواة الخلية والتلاعب بالجينات وخواصها ويصيب البعض بتشوهات خلقية وتخويفهم بالعقم!! وأن الملياردير بيل غيتس والماسونية العالمية تقف وراء ذلك وغيرها الكثير من التخريفات التي لا حصر لها !!
صحيح إن الصراع الدائر بسبب الفايروس هو صراع اقتصادي بالدرجة الأولى, وعليه فإن الدول الكبرى هي في تسابق مع الزمن لإنتاج وطرح اللقاح وهذا ما يؤكد لا محالة أن الوباء هو واقع حقيقي وبعد هذا الفصل المرير فموضوع طرح اللقاح لا علاقة له أبدا بالمؤامرة بل هو نتاج عن المؤامرة إن صدقت الفرضية , وأن تصنيع اللقاح والتسابق في تسويقه أيضا مبني على مبدأ الربح لا الخسارة مطلقا وليس من المعقول أن تصرف هذه الدول المبالغ الطائلة وتحث علماءها على طوي الزمن لتطرح تطعيما تظهر نتائجه السلبية بعد عدة أشهر أو عدة أعوام لتدخل في حرب كونية مع جميع دول العالم .
كما أنه ليس من المعقول تماما أن دولا يزيد سكانها عن بضعة مئآت الآلاف أو قريبا من حاجز المليون تجازف قياداتها بتطعيم شعبها لتجد نفسها بعد عدة أعوام مدينة أشباح وتحكم شجرا وحجر!!!
ولكي يتحقق لتلك الدول الكبرى ما رسمته من هذا السيناريو فسترغم باقي الدول التي لا حول لها ولا قوة على حجز حصصها وعليها تسديد الثمن عاجلا غير منقوص ,ثم ستعقبها الحلقة الأخرى لإخراج تلك الدول من عزلتها ومن عنق الزجاجة أن تتعهد بطرحه للجميع بالمجان ولا شك أن الرقابة على أشدها والإحصائيات مسيطر عليها تماما ,.. ,
وما دام الأمر متروك للمواطن وهو مخير بين أخذ التطعيم أو تركه فذلك يدحض تماما نظرية المؤامرة فيما يخص طرح اللقاح بإبادة البشرية أو اختزالها , والأمر ما زال فيه تفصيل ولعلنا سنكمل ما بدأناه ودمتم بعافية..
0 تعليقات