وسام رشيد
إنَّ اداء شركات الهاتف النقال في العراق على مدى سنين طويلة دفع رئيس مجلس النواب والنائب محمد شياع السوداني بشخصهما ووظيفتهما الى تقديم لائحة تمييزية الى القضاء العراقي، بينا فيها سلسلة من مخالفات تلك الشركات للعقد المبرم مع الحكومة العراقية، وبطلان التجديد لتلك الشركات في الجلسة رقم13 لمجلس أُمناء هيئة الاعلام والاتصالات بتاريخ202024/11، وأعدت اللائحة ان هذا القرار كان مجحفاً بحق الشعب العراقي، وضرورة ان تكون الخدمة ضمن المعايير الدولية التي يتمتع بها المواطنون بمختلف دول العالم، من ناحية جودة الاتصالات وشبكات الانترنيت والجيل الرابع، هذه اللائحة والموقف بشكل عام يعبِّر عن مخاوف الشعب العراقي بعدم تحديث الشبكات وعرقلة بناء منظومة الاتصالات في العراق بشكل يلبي حاجة المواطنين المتزايدة لخدمة الانترنيت السريعة والمستمرة، مقارنة بدول الجوار بأقل تقدير.
عجزت شركات الهاتف النقال"زين"واسعة الانتشار (المملوكة لمواطنين غير عراقيين) وشركة"آسيا"من الإيفاء بالتزاماتها المتعاقدة عليها مع ممثلي الحكومة، الذين سارعوا الى التجديد دون اشتراطات جديدة او ضمانات أو حتى تسديد ما بذمة هذه الشركات من ديون لصالح الحكومة العراقية، والأدهى من ذلك هو سرعة المصادقة على قرار التجديد من قبل رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، إذ لم تعهد البيروقراطية في العراق سرعة انجاز وحماس كالتي شهدتها مسألة التجديد لشركات الهاتف النقال، وهذا يؤشر بشكل واضع إن ثمة صفقة ما قد عُقدت بعيداً عن انظار الشعب العراقي، صفقة لن تكون مطلقاً بصالح المواطنين بل على حسابهم، وسيدفع المواطن، مرة اخرى، ثمناً لتلك التخبطات التي تساير اعمال الحكومات المتعاقبة، والتي تغلب فيها مصالحهم الفئوية والشخصية بعيداً عن المسؤولية العظمى التي يناط بها الكادر المتقدم للدولة العراقية والمؤتمن على حقوق وآمال الشعب.
غياب الشفافية في مختلف التعاقدات وفي مختلف المجالات والاختصاصات يعدُّ الوسيلة التي تغطي على الفساد، وهو أمرٌ لا يقتصر على شركات الهاتف بل يشمل الكثير من مؤسسات الدولة العراقية، ولو استعرضنا مجموعة الفضائح والاثارات ابتداءً من صفقة السلاح الروسي عام 2012 وانتهائاً بميناء الفاو الكبير فإن القاسم المشترك هو عدم الشفافية والوضوح، كذلك غياب الظهور الاعلامي المباشر والحديث عن هذه الصفقات وخفايا الأمور التي تساهم معرفتها في فهم ما يدور حولها من تحاصص وتقسيم وتمويل أو عكس ذلك.
بناء البلد لا يقف عند شخص أو مؤسسة أو شركة، وعملية ترميم بلد مثقل كالعراق بحاجة الى كل مورد تستطيع الحكومة توفيره لغرض المضي بإستكمال متطلبات البناء المنشودة، والقفز على معاناة الناس بهذا الشكل هو عدم اكتراث برغبات الشعب العراقي.
تبقى هذه تجربة، سابقة، إذ لم يسبق للرئيس وبعض اعضاء مجلسه أن يكونوا في كفة ورئيس مجلس الوزراء وبعض أركان ادارته بكفة اخرى بميزان عدالة القضاء العراقي، إنها تجربة ستبني نمطاً متجدداً في العلاقة بين السلطتين التشريعية الرقابية وأولوية مهامها حماية ومراجعة مصالح الشعب، والتنفيذية التي يتطلب عملها ان تكون بمستوى الثقة التي يمنحها لها نواب الشعب.
0 تعليقات