علي السوداني
شاهدت على مدى ساعات طويلة ومملة الحفل الاستثنائي الغريب لواقعة دخول الرئيس العجوز بايدن الى البيت الأبيض الأسبوع البائد .
الخوف والفرح والدقة والقلق والانضباط والارتباك والانتباه الشديد والتثاؤب وصفات اخرى كلها تجمعت في ذلك اليوم الذي أريد له أن يكون مدهشاً ومشوقاً للمتفرجين مثل فلم مافيا العراب وحضور العوائل المتنفذة الكبرى ، لكن ذلك لم يحدث أبداً فلا آل باتشينو قتل واحداً برصاصة مؤكدة لا تخطىء ، ولا روبرت دي نيروا ذبح كهلاً مشموراً بشرفة بعيدة .
ما صبّرني على المطاولة وإكمال الفلم حتى نهايته هو تلك الكائنات الثانوية التي لم يأت أحد على ذكرها في الحفل وأشهرهم كان ذلك الرجل الطويل الغليظ الذي حصن وجهه المدور بكمامتين ، الخارجية كانت أنيقة والثانية كانت عادية مثل ملابس داخلية طويلة كانت الرعية ترتادها في أيام البرد العظيم .
كانت مهمة السمين هي تنظيف وتعقيم منصة الخطابة بعد كل خطبة قصيرة جداً يلقيها أحد أعمدة الحفل ، وكان يحمل بيديه الماهرتين زجاجة ديتول أو سبيرتو أو هايجين من الصنف الذي يكسر ظهر كورونا وأبناءها المتحورين .
كان خفيف الحركة بما لا يتناسب أبداً مع كمية اللحم الهائلة التي تغطي عظام جسده الشاسع ، ولم ألحظه ولو لمرة خاطئة أن زرع عينيه بوجه أي من الحاضرين المشهورين والمغمورين ، وقد ذكّرني كثيراً بشخصية السيد المهذب الوقور الذي يقف بباب مرحاض حانة ، ناطراً زبوناً يعزف مقطوعة ناتجة من إفراغ كليتيه بمبولة افرنجية ، كي يسلمه منديلاً ورقياً ويرش بكفيه عطراً رخيصاً ، وقد ينتهي الأمر ببقشيش قيمته تعتمد على كرم الزبون أو على عدد الكؤوس التي كرعها قبل زمان المرحاض المريح .
ثمة أيضاً زوج نائبة الرئيس كامالا هاريس الذي كان مخلصاً ومتحمساً لزوجته الجميلة ، حيث كان يحيي الجمهور الذي يسور الممر الطويل ويرد على تصفيقهم وصفيرهم ورقصهم بتصفيق وصفير ورقص وإشارات اعجاب وتشكيلات مبتكرة باستعمال الإبهام والسبابة وتحريك الحاجبين وانحناءة الجسد بعد أن أكلت كورونا الشريرة نصف وجهه . لم تكن للرجل وظيفة هامة جعلته يستحوذ على مساحة كبيرة جداً من حركة عيون الكاميرات المعلنة والخفية سوى عمله الطويل بمنصب زوج كامالا السمراء الساخنة اللطيفة .
خلف الرئيس التعبان بايدن وعلى ميسرته وميمنته شاهدت رجلاً واحداً يتنطنط ويتحرك بخفة قط مفتتح شباط ، وقد بدا لي وللناظرين الصبورين أنه من أصول صينية لا ريب فيها .
أظن أن وظيفته تشبه وظيفة صباح ميرزا محمود وهو يسير خلف الرئيس صدام حسين .
الرابع كان يرتدي جاكيتاً جوزياً ينتهي عند الركبتين ويطلق عليه أهل العراق اسم القبوط ، وهذا الكائن المعتم كان يُرى في غير مكان ومكانة ، لكنني لم أتبين شغلته الحقيقية .
حضر أيضاً بيل كلنتون وزوجته هيلاري وبوش الإبن وبعلته ، لكن الكاميرات كانت تركز كثيراً على باراك أوباما وميشيل ، وفي ذلك اشارة ذكية من المخرج الى ان باراك ورفاقه سيلعبون دوراً في رسم الخريطة الأمريكية الجديدة حتى لو تم الأمر من المقعد الخلفي .
0 تعليقات