رند علي
(ومن بعدي سيأتي الطوفان ).. كانت هذه آخر كلمات ملك فرنسا لويس الخامس عشر الذي تنبئ بالشر وأنهيار الملكية وهو على فراش الموت.
أتسم عهد لويس الخامس عشر بتبذير فاحش جداً إضافة إلى حروبه الغير مجدية التي أدت إلى استنزاف خزينة الدولة، ضاعت منه كندا ، ووادي أوهايو ، ولوسزيانا واستولى عليها البريطانيون. عانت فرنسا من تدهور سريع ظهرت آثاره عند تولي وريث عرشه لويس السادس عشر ، وهو شخصٌ بدين عمره أكثر من ستة عشر عاماً متزوجاً من الأرشيدوقة ماري أنطوانيت وهي من النمسا وتبلغ من العمر خمسة عشر عاماً وقد ورثا مملكة على حافة الإفلاس.
خلال السنوات التي سبقت اندلاع الثورة الفرنسية، كسبت الملكة ماري أنطوانيت سمعة سيئة بكامل أرجاء فرنسا، حيث وجهت إليها العديد من التهم التي تراوحت بين الخيانة الزوجية وإهدار المال العام. ففي خضم الفترة التي شهدت تزايد الغضب الشعبي على سياسة الملك لويس السادس عشر، اتهم الفرنسيون ماري أنطوانيت بإقامة علاقات غير شرعية مع أميرة لومبال والكونت السويدي أكسل دي فرزن وتجاهل معاناة الشعب من الجوع وإنفاق مبالغ طائلة في حياة البذخ ولعب القمار.
من الأسباب التي جعلت فرنسا تصل إلى نقطة الغليان هي قصة قلادة الماس، ففي سنة 1772، وجه ملك فرنسا لويس الخامس عشر رسالة لبومر وباسنج المصنفين كأهم صائغي مجوهرات بباريس لإعداد قلادة من الجواهر الثمينة باهظة الثمن بهدف إهدائها لعشيقته السيدة دي باري ، لكن بحلول عام 1774، فارق الملك لويس الخامس عشر الحياة قبل نهاية صنع القلادة لتذهب بذلك جهود الصائغين سدى.
لكنهم بعد مدة وجيزة عرضو القلادة على ملكة فرنسا الجديدة ماري أنطوانيت وبرغم شغفها بالمجوهرات إلا إنها رفضت ان تشتري العقد بسبب أرتفاع ثمنه وعلمها بأن ميزانية الدولة تقترب من الأفلاس.
في تلك الفترة تم عزل الكاردينال دي روهان الذي كان يشغل منصب سفير فرنسا في النمسا بتحريض من والدة الملكة ماري انطوانيت الإمبراطورة النمساوية ماري تيريزا وذلك بسبب تأييده للمواقف الروسية والبروسية المتعلقة ببولندا. وقد حاول الكاردينال العودة إلى منصبه دون جدوى مما ادى إلى تعرضه إلى الأستغلال من قبل كونتيسة عرفت بإسم مدام( دي لاموت فالوا) التي أدعت إنها صديقة الملكة وانها تستطيع التحدث معها بشأن عودته الى منصبه ولكي تثبت حسن نيتها قامت بتزوير توقيع الملكة شخصياً على خطابات وصلت الى الكاردينال على اعتبار إنها من الملكة تعده فيها بمساعدته على العودة إلى منصبه ، ولكي يثق الكاردينال الساذج أكثر بكلام وأفعال مدام دي فالوا ونفوذها فقد رتبت له موعد مع الملكة في ليلة قمرية داخل حدائق قصر ڤرساي ، واستخدمت لذلك عاهرة ملثمة تشبه الملكة بشكل مذهل قابلت الكاردينال في تلك الليلة وقدمت له وردة. كان الكاردينال مسروراً للغاية بهذا الدليل المميز على المحبة.
وفيما بعد ذهبت الكونتيسة الى صائغ القلادة وطلبت منه ان يذهب بالقلادة إلى الكاردينال دي روهان بأمر من الملكة التي ستدفع ثمنها على أقساط واستطاعت أقناع الكاردينال بأن الملكة تريد منه أن يقدم لها هذه الخدمة وهي استلام العقد من الصائغ وتسليمه إلى الكونتيسة، ووافق على ذلك مسروراً بثقة الملكة فيه مدفوعاً برغبته بالعودة إلى منصبه وبمجرد أعطاء العقد للكونتيسة سلمته مباشرةً إلى زوجها الذي غادر إلى لندن وباعه هناك، انتظر الصائغ مدة ولم يجد غير الملكة ليطالبها بأن تدفع القسط الأول من المبلغ لكن الملكة تفاجأت بالموضوع برمته وانكرت طلبها للعقد وحتى علاقتها بمدام دي فالوا و الكاردينال دي روهان وقد غضب الملك عندما سمع بالمؤامرة التي احيكت ضد زوجته وتم منع الكاردينال من دخول باريس وتم تصنيف الكونتيسة دي فالو على إنها لصة، ومن المؤسف أن توقيت الفضيحة كان في وقت يغلي فيه الشعب حقداً على الملك والملكة وقد تلبس الخزي ماري انطوانيت التي أصبحت تعرف بالملكة التي سببت عجزاً في ميزانية الدولة ، مدت يديها إلى أموال الدولة بينما كان الناس يتضورون جوعاً في باريس وكانت قصة قلادة روهان من اهم اسباب قيام الثورة رغم أن الملكة لم يكن لها يد فيها (واعتبر نابليون بونابرت قضية قلادة روهان مفتاحاً للثورة ).
0 تعليقات