نزار العوصجي
كثيراً ما نسمع ان العقد شريعة المتعاقدين ، وان كل ما يخالف بنود العقد يعتبر باطلاً بحكم القانون والأعراف ، وهذا ينطبق على على جميع التعاملات الاقتصادية منها والسياسية ، بما فيها الانخراط في الاحزاب السياسية والتجمعات الاجتماعية ، من خلال عقد ينظم العلاقة بين المنتمين يعرف بالنظام الداخلي ، يقره الاعضاء بعد الاطلاع عليه قبل الانتماء ، بذلك يصبح تنفيذ فقرات مواده لزاماً عليهم ، لا يمكن القفز عليها او تجاهلها ، او تسخيرها لمصالح شخصية بعيداً عن النصوص الورادة فيه من وجهة نظر القانون ..
ان مفهوم الشرعية ( legitimacy ) يعد أحد أهم المفاهيم الأساسية في علم السياسة ، والذي يشير إلى الرضا والقبول العام للنظام السياسي ، كونه يعد موافقة الشعب لتقبل الحالة وتقديم الطاعة لسلطة معينة ، تقوم بممارسة مهامها في إطار هذه الطاعة والرضا ، لذا فان الاساس لحالة الرضا ينبع من حق الاختيار ، و بمعنى ادق فانه يتمثل في انتخاب السلطة التي تتولى مهمة الادارة وليس التعيين ..
ومن هذا المنطلق يتضح أن القبول والطاعة هما أساس الشرعية المنطلقة من انتخابات ديمقراطية ، تعبر عن رأي الجماهير ، وبعكسه تُعد السلطة استبدادية في حالة عدم وجود رضا شعبي بدرجة مقبولة ، لذلك فإن أي نظام سياسي بحاجة إلى قبول شعبي ورضا جماهيري من الطبقات الاجتماعية كافة ، مع التركيز على الطبقات الأكثر فاعلية وتأثيرًا ، اذا ماتوفرت حسن النية والرغبة في ديمومة التأثير في الوسط الجماهيري بشكل فعلي ..
من هنا نعي ان الشرعية في العلوم السياسية هي « قيمة يُعترف بموجبها بشيء أو شخص ، ويُقبل على أنه صحيح وسليم » ، وتُفهم الشرعية عادة على أنها القبول والاعتراف الشعبي من جانب السلطة العامة لنظام الحكم ، بحيث تتمتع السلطة بالقوة السياسية من خلال الموافقة والتفاهم المتبادل ، وليس بالإكراه والتأثير بوسائل اقصائية تعسفية من خلال استهداف القيادات والرموز الاكثر قبولاً وتأثيراً في الوسط الجماهيري ( لغاية في نفس يعقوب ) ..
تنبع أهمية الشرعية من كونها القوة التي يستند عليها النظام في مقابلة خصومة المعارضة ، إذ دائما ما تحاول المعارضة نفي الشرعية عن النظام أو حتى تنتقص منها كذريعة لرفض سيطرة النظام ومحاولة التشكيك في شرعيته تمهيدًا لإسقاطه ، وتعد كلّ من المظاهرات والاعتصامات ودعوات الانفصال أو التحرر ومطالبات التقسيم الفيدرالي أو الكونفدرالي مظهرًا من مظاهر فقدان شرعية النظام الحاكم ، وعلى النقيض من ذلك يعد الاستقرار السياسي والاقتصادي دليلًا على تمتع النظام الحاكم بالشرعية ووجود قبول ورضا شعبي بأداء السلطة ..
اما من الناحية اللغوية ، تعرف الموسوعة السياسية مصطلح الشرعية على أنه مفهوم سياسي مركزي مستمد من كلمة شرع ، أي قانون أو عرف معتمد وراسخ ، ويرمز إلى العلاقة القائمة بين الحاكم والمحكوم ، المتضمنة توافق العمل أو النهج السياسي للحكم مع المصالح والقيم الاجتماعية للمواطنين ، بما يؤدي إلى القبول الطوعي من قبل الشعب بقوانين وتشريعات النظام السياسي ، وهكذا تكون الشرعية علاقة متبادلة بين الحاكم والمحكوم ..
وفي الموسوعة الاجتماعية يُنظَر إلى الشرعية على أنها أساس السلطة السياسية التي تمارسها أداة الحكم سواء كانت فردًا أو شعبًا بأكمله ، إستنادًا إلى حق الشعوب الثابت في ممارسة الحكم ، مع اعتراف المحكوم بذلك …
0 تعليقات