لستَ متهما، لكنك مضطر للمثول أمام المحكمة. صحيح أنك لم ترفع مشعلا أو تقتحم منزلا أو تحطم عظاما، لكنك مضطر للدفاع عن نفسك أو توكيل محام لن يفلح قطعا في تخفيف الحكم عنك، فقد ضُبِط جدك متلبسا بتلويث مجرى الماء الذي يشرب منه الذئب، والآلاف من شهود الزور مستعدون للقسم بأنك كنت في صلبه آنذاك، وليس أمامك إلا أن تعري ظهرك كي يقتص منك المتفيقهون على الملأ. لن تجدي توسلاتك البائسة أو مرافعاتك المتهافتة، لأن كل الشواهد تثبت أنك سني حتى النخاع، وأنه لا يمكن لمتشيع أن يصلح ما أفسد الدهر فيك. وهذا بالضبط ما قدره ياسر الحبيب عليك في سيناريو فيلمه المثير للجدل "سيدة الجنة".
وياسر الحبيب، لمن لا يعرفه، رجل دين من أصل كويتي، كرس حياته لنشر الفكر الشيعي من خلال تأسيسه لهيئة خدام المهدي، والتي تجاوز نشاطها الحدود الإقليمية ليصل إلى العراق وإيران والبحرين ولبنان والمملكة المتحدة. وقد تسبب تطاوله على أئمة أهل السنة من أمثال أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب بإثارة فتنة انتهت بالمؤبد، وهو أول حكم من نوعه في البلاد يصدر في قضية من قضايا الرأي. لكن الرجل استطاع أن يستفيد من عفو مؤقت ليفر إلى العراق متنقلا بين النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء وغيرها من المدن التي تكتظ بالشيعة. وقد تم إسقاط الجنسية الكويتية عن الحبيب عام 2010 إثر قيامه بالاحتفال ابتهاجا بذكرى وفاة السيدة عائشة رضي الله عنها.
نعود إلى فيلم ياسر الحبيب "سيدة الجنة"، والذي يتناول قصة السيدة فاطمة الزهراء من الميلاد وحتى الوفاة (من المنظور الشيعي). ذلك الفيلم الذي أثار عرضه في المملكة المتحدة ضجة كبرى، واضطرت دار "سني وورد" إلى إيقاف عرضه على إثر خروج آلاف المسلمين في مظاهرات احتجاجية على اعتبار أن الفيلم يسيء إلى نبي الرحمة وابنته الزهراء رضي الله عنها، لينتقل السجال بعدها إلى مجلس اللوردات البريطاني بين مؤيد لما قامت به دار العرض ومعارض. ومن القاعات المغلقة، إلى منصات التواصل المفتوحة، انتقلت الخلافات، لتتسع دائرة الاتهامات ويذيع صيت فيلم لم يكن ليحظى بهذا القدر من الاهتمام لولا مظاهرات لندن الصاخبة، وهو رأي لا يختلف كثيرا عما ذهب إليه مالك شنيباك منتج الفيلم.
أما عن قصة الفيلم، فهو يحكي عن طفل عراقي ماتت أمه "فاطمة" على أيدي بعض المسلحين، ليتطوع شاب من رجال الحشد الشعبي، باحتضانه واصطحابه إلى بيته. نكتشف بعد ذلك أن هذا الشاب نفسه قد فقد والديه إثر تفجير داعشي غادر لمنزله، وأنه يقيم مع جدته - التي لم تمانع أبدا في استقبال الطفل اليتيم. ولو استمرت القصة في مسارها الإنساني لتناقش وضعا مأساويا مزريا يعاني منه أطفال العراق دون تمييز، لحقق الفيلم تعاطفا كبيرا على الصعيد العالمي. لكن ياسر الحبيب كان له هدف آخر لم يكن خافيا على متابعي كتاباته التحريضية المتطرفة.
تحاول الجدة "العطوف" أن تخمد نار الألم في صدر اليتيم من خلال سرد حكايات من التاريخ الشيعي المختلف عليه – حتى بين الشيعة أنفسهم - عن طريق سرد حكاية سيدة نساء أهل الجنة، فاطمة بنت محمد. فتتناول الجدة الخلاف بين علي بن أبي طالب وأبي بكر الصديق رضي الله عنهما على الخلافة، وكيف أن عمر ابن الخطاب ذهب إلى بيت علي وفاطمة وهدد بحرقه إن لم يبايع علي أبا بكر، وكيف أن عمر قد دفع الباب، وكانت فاطمة الزهراء رضي الله عنها خلفه، ما أدى إلى كسر أضلاعها وموت جنينها "المحسن"، وهو روايات مكذوبة رفضها أهل السنة والمنصفون من الشيعة. وهكذا، تحول الفيلم عن غاياته الإنسانية ليبرز نيوب ياسر الحبيب في فيلم جيد التصوير رديء المقصد تكلف إنتاجه أكثر من 15 مليون دولار أمريكي.
بدلا من الدفاع عن مظلوميات واقعية، حاول الموتور ياسر الحبيب، بدافع من حقد مذهب أعمى، الدفاع عن مظلوميات افتراضية لم يشارك فيها ضحايا الحروب المذهبية الغبية بسهم ولا بنبل. وهكذا، تُستحل دماء الضحايا الذين لم يشهدوا خلافة ولا خلافا على أيدي متخلفين برتبة كتاب ينفخون النار في رماد الهمجية الأولى ليشعلوا نار الحرب كلما أطفأها الله. وبدلا من إيصال مظلوميتهم للعالم، تراهم يعرضون تخلفهم واختلافهم حول خلافات لم يشهدوها وخلفاء لم يشهد الأغيار مثلهم، وليحولوا التاريخ إلى ديانة والبلاد إلى ساحة حرب، والمسلمين إلى ثلة من الغوغاء الذين لا يُصلحون ماضيا ولا يَصلحون لحاضر أو لمستقبل.
وياسر الحبيب، لمن لا يعرفه، رجل دين من أصل كويتي، كرس حياته لنشر الفكر الشيعي من خلال تأسيسه لهيئة خدام المهدي، والتي تجاوز نشاطها الحدود الإقليمية ليصل إلى العراق وإيران والبحرين ولبنان والمملكة المتحدة. وقد تسبب تطاوله على أئمة أهل السنة من أمثال أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب بإثارة فتنة انتهت بالمؤبد، وهو أول حكم من نوعه في البلاد يصدر في قضية من قضايا الرأي. لكن الرجل استطاع أن يستفيد من عفو مؤقت ليفر إلى العراق متنقلا بين النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء وغيرها من المدن التي تكتظ بالشيعة. وقد تم إسقاط الجنسية الكويتية عن الحبيب عام 2010 إثر قيامه بالاحتفال ابتهاجا بذكرى وفاة السيدة عائشة رضي الله عنها.
نعود إلى فيلم ياسر الحبيب "سيدة الجنة"، والذي يتناول قصة السيدة فاطمة الزهراء من الميلاد وحتى الوفاة (من المنظور الشيعي). ذلك الفيلم الذي أثار عرضه في المملكة المتحدة ضجة كبرى، واضطرت دار "سني وورد" إلى إيقاف عرضه على إثر خروج آلاف المسلمين في مظاهرات احتجاجية على اعتبار أن الفيلم يسيء إلى نبي الرحمة وابنته الزهراء رضي الله عنها، لينتقل السجال بعدها إلى مجلس اللوردات البريطاني بين مؤيد لما قامت به دار العرض ومعارض. ومن القاعات المغلقة، إلى منصات التواصل المفتوحة، انتقلت الخلافات، لتتسع دائرة الاتهامات ويذيع صيت فيلم لم يكن ليحظى بهذا القدر من الاهتمام لولا مظاهرات لندن الصاخبة، وهو رأي لا يختلف كثيرا عما ذهب إليه مالك شنيباك منتج الفيلم.
أما عن قصة الفيلم، فهو يحكي عن طفل عراقي ماتت أمه "فاطمة" على أيدي بعض المسلحين، ليتطوع شاب من رجال الحشد الشعبي، باحتضانه واصطحابه إلى بيته. نكتشف بعد ذلك أن هذا الشاب نفسه قد فقد والديه إثر تفجير داعشي غادر لمنزله، وأنه يقيم مع جدته - التي لم تمانع أبدا في استقبال الطفل اليتيم. ولو استمرت القصة في مسارها الإنساني لتناقش وضعا مأساويا مزريا يعاني منه أطفال العراق دون تمييز، لحقق الفيلم تعاطفا كبيرا على الصعيد العالمي. لكن ياسر الحبيب كان له هدف آخر لم يكن خافيا على متابعي كتاباته التحريضية المتطرفة.
تحاول الجدة "العطوف" أن تخمد نار الألم في صدر اليتيم من خلال سرد حكايات من التاريخ الشيعي المختلف عليه – حتى بين الشيعة أنفسهم - عن طريق سرد حكاية سيدة نساء أهل الجنة، فاطمة بنت محمد. فتتناول الجدة الخلاف بين علي بن أبي طالب وأبي بكر الصديق رضي الله عنهما على الخلافة، وكيف أن عمر ابن الخطاب ذهب إلى بيت علي وفاطمة وهدد بحرقه إن لم يبايع علي أبا بكر، وكيف أن عمر قد دفع الباب، وكانت فاطمة الزهراء رضي الله عنها خلفه، ما أدى إلى كسر أضلاعها وموت جنينها "المحسن"، وهو روايات مكذوبة رفضها أهل السنة والمنصفون من الشيعة. وهكذا، تحول الفيلم عن غاياته الإنسانية ليبرز نيوب ياسر الحبيب في فيلم جيد التصوير رديء المقصد تكلف إنتاجه أكثر من 15 مليون دولار أمريكي.
بدلا من الدفاع عن مظلوميات واقعية، حاول الموتور ياسر الحبيب، بدافع من حقد مذهب أعمى، الدفاع عن مظلوميات افتراضية لم يشارك فيها ضحايا الحروب المذهبية الغبية بسهم ولا بنبل. وهكذا، تُستحل دماء الضحايا الذين لم يشهدوا خلافة ولا خلافا على أيدي متخلفين برتبة كتاب ينفخون النار في رماد الهمجية الأولى ليشعلوا نار الحرب كلما أطفأها الله. وبدلا من إيصال مظلوميتهم للعالم، تراهم يعرضون تخلفهم واختلافهم حول خلافات لم يشهدوها وخلفاء لم يشهد الأغيار مثلهم، وليحولوا التاريخ إلى ديانة والبلاد إلى ساحة حرب، والمسلمين إلى ثلة من الغوغاء الذين لا يُصلحون ماضيا ولا يَصلحون لحاضر أو لمستقبل.
0 تعليقات