يحدثنا المحلل السياسي الجيلالي كرايس أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة تيسمسيلت عن مستقبل الأزمة بين الجزائر والاتحاد الأوربي الذي أصدر لائحة أدان فيها وضع حرية التعبير في الجزائر، وطالب فيها السلطات الجزائرية بوقف المضايقات ضد الصحافيين.
تاريخ الجزائر وأوروبا عموما تاريخ طويل وممتد، وغالبا ما كانت الجزائر ضحية للدول الأوروبية التي لا تخفي تحالفها وتعاونها فيما بينها ضد الجزائر، فعلى المستوى الرسمي لا أظن أن هناك دولة أوروبية دعمت الثورة الجزائرية، بل هناك مواقف محتشمة على مستوى البرلمانات أو الأحزاب والشخصيات السياسية. وعلينا ألا ننسى ضغوطات الاتحاد الأوروبي على الجزائر في فترة العشرية السوداء ومحاولة التدخل والتضيق على الجزائر وعزلها سياسيا.
أما في الفترة المعاصرة يمكن القول أن اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الاوربي الموقع سنة 2002 هو أهم اتفاق بين الجانبين، وقد جاء في ظروف خاصة ويجمع كل المتابعين على أنه يخدم المصالح الفرنسية أكثر من المصالح الجزائرية لاسيما على الصعيد الاقتصادي، ولذلك فإن العلاقات بين الجزائرية - الأوروبية هي علاقات اقتصادية، خاصةً في مجال الطاقة خاصة في ظل الصراع القائم بين روسيا – وأوكرانيا.
أعتقد أن الضغوطات السياسية خاصةً تلك المتعلقة بملف حقوق الانسان وحرية التعبير قد زادت وتيرتها مع وصول الرئيس عبد المجيد تبون، الذي كان صريحا منذ البداية وقال أن علاقة الجزائر مع أي طرف أو كيان مهما كان يجب أن تكون وفق قاعدة رابح، رابح، وليس هناك مجال للتبعية لا سيما في حرية الجزائر في اتخاذ قراراته السيادية وتنويع شركائها الاقتصاديين والانفتاح على دول أخرى.
إن الاتحاد الأوروبي يعتبر الاستثمار في الكثير من الدول حق مكتسب لا يمكن أن ينازعه فيه أحد، ولذلك زادت حدة التوترات بين الاتحاد والجزائر أو حتى بين الجزائر وبعض دول الاتحاد خاصة فرنسا ذات العقلية الاستعمارية، والتي تلقى الدعم من طرف الاتحاد الاوربي الذي دائما يلوح بمسألة حقوق الانسان وحرية التعبير التي يستعمل كورقة ضغط لإحراج الجزائر، إلا أن مسألة الطاقة هي التي كانت تخلق نوعاً من التوازن بين الجزائر والاتحاد الأوروبي لا سيما في ظل الأزمة الاوكرانية، وكذلك وصول أحزاب معادية للاتحاد الأوروبي للحكم في بعض الدول الأوربية وتقاربها مع الجزائر وسعيها إلى رسم سياسات جديدة، كالتقارب الجزائري الايطالي الذي يبدو أنه أزعج فرنسا وأثر على مصالحها.
لقد كان موقف متوقع، فالسياسة الأوروبية التي أصبحت تعتمدها بروكسل ضد الجزائر وضد الكثير من الدول، لخلق حالة من الضغط، كل ما تمسكت تلك الدول بمواقفها وحفظ سيادتها. وربما مسألة الأزمة مع مدريد لديها ارتباط مباشر بهذه اللائحة، فعلينا ألا ننسى زيارة ممثل السياسة الخارجية الأوربية للجزائر مؤخراً ورفض الجزائر التعاطي معه فيما يخص العلاقات الجزائرية الإسبانية التي تأثرت كثيرا بسبب الموقف المخزي للحكومة الإسبانية اتجاه القضية الصحراوية التي تتحمل اتجاهها مسؤولية أخلاقية.
إن السياسة الخارجية للجزائر واضحة، فهي لا تخشى مثل هذه القرارات لأنها تعرف جيدًا انها لا يمكن أن تأثر مادام أنها تحترم القانون الدولي وتحترم سيادة الدول وليس لها أي ملفات تخشى منها، حتى على مستوى حرية التعبير والصحافة، لكن رغم ذلك تبقى الجزائر تمتلك حق الرد في وجه مثل هذه التحركات المشبوهة.
إن ما يزعج الاتحاد الأوروبي من الجزائر هو تمسكها بمبدأ الحيادية في الأزمة الروسية الأوكرانية، فالاتحاد يريد حشد دعم دولي ضد روسيا والحصول على إدانة دولية للتحرك الروسي في أوكرانيا وهذا لا يمكن أن تقدمه الجزائر، لأنها لا تقبل الاملاءات، فحتى في موقفها مع روسيا هناك مجال للتحرك والجزائر لا ترتهن بشكل كلي في الموقف الروسي ولا موقف أي جهة أخرى، ولذلك القضايا الخلافية كثرة ومن بينها الموقف من الصراع الفلسطيني الصهيوني، والتغاضي الغربي عن السياسات الاسرائيلية، كذلك الموقف غير الواضح من القضية الصحراوية وميل الاتحاد ومعظم دوله إلى الجانب المغربي رغم وجود قرارات دولية بتصفية الاستعمار في الأراضي الصحراوية، الموقف من قضايا الهجرة الصراعات والنزاعات في إفريقيا والكثير من الملفات التي يبدو فيها التباين واضحا بين الجزائر وشركائها في بروكسل، الأزمة الليبية وغيرها، وكل هذه الخلفات تدفع ببروكسل إلى محاولة الضغط على الجزائر ودائما أسهل ورقة هي ورقة حرية التعبير وحقوق الانسان التي يلوح بها الغرب دائما في وجه أي دولة ترفض تبني مواقفه والتعاون معه بشكل مطلق وكلي، وهنا يسارع إلى تحريك ألياته بصفته متعهد الحرية وحقوق الإنسان في العالم.
لا أعتقد أن يكون هناك تصعيد في توتر العلاقات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، بل بالعكس ستستمر العلاقات ولكن في إطارها الاقتصادي في ظل استمرار الصراع في أوكرانيا مما يعني إطالة الأزمة التي ستكون لديها تداعيات وخيمة على مستوى سوق الطاقة.
• هل يمكن أن تعطينا نبذة مختصرة عن العلاقات الثنائية بين الجزائر والاتحاد الأوروبي؟
تاريخ الجزائر وأوروبا عموما تاريخ طويل وممتد، وغالبا ما كانت الجزائر ضحية للدول الأوروبية التي لا تخفي تحالفها وتعاونها فيما بينها ضد الجزائر، فعلى المستوى الرسمي لا أظن أن هناك دولة أوروبية دعمت الثورة الجزائرية، بل هناك مواقف محتشمة على مستوى البرلمانات أو الأحزاب والشخصيات السياسية. وعلينا ألا ننسى ضغوطات الاتحاد الأوروبي على الجزائر في فترة العشرية السوداء ومحاولة التدخل والتضيق على الجزائر وعزلها سياسيا.
أما في الفترة المعاصرة يمكن القول أن اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الاوربي الموقع سنة 2002 هو أهم اتفاق بين الجانبين، وقد جاء في ظروف خاصة ويجمع كل المتابعين على أنه يخدم المصالح الفرنسية أكثر من المصالح الجزائرية لاسيما على الصعيد الاقتصادي، ولذلك فإن العلاقات بين الجزائرية - الأوروبية هي علاقات اقتصادية، خاصةً في مجال الطاقة خاصة في ظل الصراع القائم بين روسيا – وأوكرانيا.
- كيف تصف العلاقات الأوروبية الجزائر في عهد الرئيس تبون؟
أعتقد أن الضغوطات السياسية خاصةً تلك المتعلقة بملف حقوق الانسان وحرية التعبير قد زادت وتيرتها مع وصول الرئيس عبد المجيد تبون، الذي كان صريحا منذ البداية وقال أن علاقة الجزائر مع أي طرف أو كيان مهما كان يجب أن تكون وفق قاعدة رابح، رابح، وليس هناك مجال للتبعية لا سيما في حرية الجزائر في اتخاذ قراراته السيادية وتنويع شركائها الاقتصاديين والانفتاح على دول أخرى.
إن الاتحاد الأوروبي يعتبر الاستثمار في الكثير من الدول حق مكتسب لا يمكن أن ينازعه فيه أحد، ولذلك زادت حدة التوترات بين الاتحاد والجزائر أو حتى بين الجزائر وبعض دول الاتحاد خاصة فرنسا ذات العقلية الاستعمارية، والتي تلقى الدعم من طرف الاتحاد الاوربي الذي دائما يلوح بمسألة حقوق الانسان وحرية التعبير التي يستعمل كورقة ضغط لإحراج الجزائر، إلا أن مسألة الطاقة هي التي كانت تخلق نوعاً من التوازن بين الجزائر والاتحاد الأوروبي لا سيما في ظل الأزمة الاوكرانية، وكذلك وصول أحزاب معادية للاتحاد الأوروبي للحكم في بعض الدول الأوربية وتقاربها مع الجزائر وسعيها إلى رسم سياسات جديدة، كالتقارب الجزائري الايطالي الذي يبدو أنه أزعج فرنسا وأثر على مصالحها.
- كيف تقرأ موقف البرلمان الأوروبي من حرية التعبير والصحافة في الجزائر؟
لقد كان موقف متوقع، فالسياسة الأوروبية التي أصبحت تعتمدها بروكسل ضد الجزائر وضد الكثير من الدول، لخلق حالة من الضغط، كل ما تمسكت تلك الدول بمواقفها وحفظ سيادتها. وربما مسألة الأزمة مع مدريد لديها ارتباط مباشر بهذه اللائحة، فعلينا ألا ننسى زيارة ممثل السياسة الخارجية الأوربية للجزائر مؤخراً ورفض الجزائر التعاطي معه فيما يخص العلاقات الجزائرية الإسبانية التي تأثرت كثيرا بسبب الموقف المخزي للحكومة الإسبانية اتجاه القضية الصحراوية التي تتحمل اتجاهها مسؤولية أخلاقية.
إن السياسة الخارجية للجزائر واضحة، فهي لا تخشى مثل هذه القرارات لأنها تعرف جيدًا انها لا يمكن أن تأثر مادام أنها تحترم القانون الدولي وتحترم سيادة الدول وليس لها أي ملفات تخشى منها، حتى على مستوى حرية التعبير والصحافة، لكن رغم ذلك تبقى الجزائر تمتلك حق الرد في وجه مثل هذه التحركات المشبوهة.
- باستثناء لائحة البرلمان الأوروبي.. هل هناك قضايا الخلافية بين الجزائر والمجموعة الأوروبية؟
إن ما يزعج الاتحاد الأوروبي من الجزائر هو تمسكها بمبدأ الحيادية في الأزمة الروسية الأوكرانية، فالاتحاد يريد حشد دعم دولي ضد روسيا والحصول على إدانة دولية للتحرك الروسي في أوكرانيا وهذا لا يمكن أن تقدمه الجزائر، لأنها لا تقبل الاملاءات، فحتى في موقفها مع روسيا هناك مجال للتحرك والجزائر لا ترتهن بشكل كلي في الموقف الروسي ولا موقف أي جهة أخرى، ولذلك القضايا الخلافية كثرة ومن بينها الموقف من الصراع الفلسطيني الصهيوني، والتغاضي الغربي عن السياسات الاسرائيلية، كذلك الموقف غير الواضح من القضية الصحراوية وميل الاتحاد ومعظم دوله إلى الجانب المغربي رغم وجود قرارات دولية بتصفية الاستعمار في الأراضي الصحراوية، الموقف من قضايا الهجرة الصراعات والنزاعات في إفريقيا والكثير من الملفات التي يبدو فيها التباين واضحا بين الجزائر وشركائها في بروكسل، الأزمة الليبية وغيرها، وكل هذه الخلفات تدفع ببروكسل إلى محاولة الضغط على الجزائر ودائما أسهل ورقة هي ورقة حرية التعبير وحقوق الانسان التي يلوح بها الغرب دائما في وجه أي دولة ترفض تبني مواقفه والتعاون معه بشكل مطلق وكلي، وهنا يسارع إلى تحريك ألياته بصفته متعهد الحرية وحقوق الإنسان في العالم.
- كيف تتوقع مستقبل العلاقات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي؟:
لا أعتقد أن يكون هناك تصعيد في توتر العلاقات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، بل بالعكس ستستمر العلاقات ولكن في إطارها الاقتصادي في ظل استمرار الصراع في أوكرانيا مما يعني إطالة الأزمة التي ستكون لديها تداعيات وخيمة على مستوى سوق الطاقة.
0 تعليقات