الأسد بلا حلفاء

مشاهدات

 




نيسان سليم رأفت



يقال أن القط خلق من عطسة الأسد لأن الفأر ( الفويسقة ) حاولت قطع حبال سفينة نوح عليه السلام فدعى ربه ان يخلصه منها فأمر الله الأسد بأن يعطس فعطس وخرجت القطة، لكن ياترى كم عطسة عطسها الأسد ليخرج بكل هذه القطط والفئران حتى تمكنت من تمزيق حبال سفينته ُ وبدل أن يحمي نفسه أتى عليها بكل هذا الخراب!! 



‏‎إن ما يجري اليوم في سوريا من تطورات هو  عملية تحضير سابقة وبعيدة"، وإن تمدد فصائل المعارضة المسلحة جاء في ظل فترة فراغ حصلت، بسبب عجز النظام السوري عن المواجهة لنقص العدة والعتاد لديه.

‏‎وأوضح أن الجيش الروسي ذهب إلى أوكرانيا وقوات فاغنر الروسية لم تعد في سوريا، بالإضافة إلى أن مقاتلي حزب الله ذهبوا إلى لبنان، وهذا الفراغ أدى إلى تمدد مقاتلي المعارضة السورية، والذين لديهم إمكانيات ويعتمدون الحرب الخاطفة.

ففي عام 2015 كان هناك الدعم الجوي والمدفعي الذي أمنته القوات الروسية وكذلك مستشارو قوات فاغنر، بالإضافة إلى دعم مقاتلي  حزب الله ومليشيات إيرانية، ولكن كل هذا الدعم انتهى اليوم لتكون معركة فصائل المعارضة السورية طويلة مع النظام، حتى لو جاء الدعم من روسيا.

‏‎

نعم فأن هجوم المعارضة السورية وتوقيته وسرعة تحركها أمام قوات النظام تثير تساؤلات، لا سيما أن ذلك أتى بعدما أعلنت إسرائيل وحزب الله الموافقة على بنود المفاوضات التي طرحتها إدارة بايدن لوقف الحرب.

‏‎ولهذا سعى البعض إلى ربط إطلاق الهيئة معركتَها لتوسيع رقعة سيطرتها مع "اغتنام فرصة الضعف" الذي تعيشه الجماعة اللبنانية.

ويستفيد الهجوم من الغموض الذي يشوب مسار العلاقة بين تركيا وروسيا من جهة، وتركيا والنظام السوري من جهة أخرى.

‏‎

لم تقف التدخلات على أرض سوريا عند اللاعبين الإقليميين، بل تحت ذريعة محاربة تنظيم الدولة، لهذا شكّلت الولايات المتحدة ما يُعرف بقوات التحالف الدولية. والذي تتمتع به من الحضور العسكري المعتبر في سوريا، حيث تقود التحالف الدولي ضدّ الإرهاب، وتسيطر بشكل كامل على المجال الجوي في شرق الفرات، الذي يُعتبر منطقة عمليات لها.

‏‎بغض النظر عمّا إذا كان الهدف مكافحة الإرهاب، فإنّ الأكيد أن لواشنطن مصالح جيوسياسية في المنطقة، لا سيما من خلال بسط سيطرتها على أكبر حقول النفط في محافظتي دير الزور والحسكة، عبر قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة أميركيًا.

‏‎

ولا يقتصر الحضور في سوريا على الولايات 

‏‎المتحدة، بل هناك لاعب رئيسي هو روسيا، التي نشطت عسكريًا بعد عام 2015 في الدفاع عن النظام في سوريا. حيث ترسم روسيا هناك مصالح إستراتيجية ترتبط بحضورها في البحر الأبيض المتوسط عبر قاعدة طرطوس، وجويًا عبر قاعدة حميميم السورية.

‏‎

اعتمد الرئيس الأسد بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول عام 2023 سياسة النأي بالنفس، لتحييد نفسه عن الأحداث في غزة، موجّهًا "صفعة" قوية إلى المحور بعدم فتح جبهة الجولان، رغم الغارات المستمرة لإسرائيل في العمق السوري، والتي طالت في أحيان قادة ودبلوماسيين إيرانيين.

‏‎لم يأخذ الأسد بشعار "وحدة الساحات"، بل اكتفى باللعب على منطق الإدانات، دون أن تحرّك قواته ساكنًا لردع العدوان الإسرائيلي الذي يطال حلفاءه على أراضيه.

‏‎وأن سبب قرار الأسد بالوقوف متفرجًا يعود إلى الضغوط الروسية، التي ترى أن الصراع في المنطقة يجب ألا يطال مصالحها. بل ذهبت أبعد في حساباتها، على اعتبار أن إضعاف النفوذ الإيراني في سوريا يصبّ حتمًا في تعزيز مكانتها. خصوصًا أنه لا يحتاج المرء إلى الكثير من الجهد ليدرك تضارب المصالح بين إيران وروسيا، وهو تضارب تُرجم ميدانيًا بين الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد شقيق بشار الموالي لإيران، والفرقة الخامسة التابعة للنظام والمؤيدة لروسيا.

‏‎فأن التخبط والزعزعة التي تشهدها الساحة السورية على صعيد إعادة تركيب الصداقات، تمثّلت في امتعاض اللاعبين من الحديث مؤخرًا عن الدور التركي في تقريب وجهات النظر بين قوات سوريا الديمقراطية والنظام، لا سيما بعد شعور تلك القوات بأنّ خطر وجودها بات على المحك مع اقتراب موعد استلام الرئيس المنتخب دونالد ترامب سلطته، الذي عبّر في أكثر من مناسبة عن ضرورة انسحاب جيش بلاده من المنطقة.

‏‎

"الزكزكات" التركية الروسية أعطت الساحة السورية بُعدًا إقليميًا، من خلال ما ذكرته التقارير الاستخباراتية عن دور الجيش الأوكراني في الهجوم الذي شنّته هيئة تحرير الشام الأخير.

‏‎فقد أكدت هذه التقارير أن السعي جارٍ لزعزعة مصالح روسيا في العالم، ولهذا دخلت أوكرانيا بثقلها في ساحات التواجد الروسي، وعلى رأسها الساحة السورية.

‏‎

لاشيء مستبعدًا، ما دامت سوريا لا تزال ساحة رسائل وميدانًا مشتعلًا في الحروب. وهكذا يجب أن تبقى الصورة النمطية بالنسبة إلى اللاعبين. ولهذا سُجل امتعاض أميركي من حركة النزوح الكثيفة للسوريين المقيمين في لبنان إلى بلادهم مع بداية الحرب في لبنان.

‏‎

واللافت قيام إسرائيل بضرب المعابر بين لبنان وسوريا، بذريعة قطع الإمدادات عن حزب الله، ولكن الهدف الواضح كان عرقلة حركة السوريين من لبنان.


ومع كم السيناريوهات المطروحة، يبقى السؤال الرئيسي: هل هذا الهجوم سيأخذ شكل تهديد للنظام ووجوده مع التأثير على مصالح روسيا؟ أم أنه قابل للانحسار ما دامت الرسائل قد وصلت إلى النظام والقيادة الروسية؟ ما عليهما سوى التصرف لتنفيذ ما طرحه نتنياهو عن دور روسيا في سوريا، الذي يهدف إلى تحجيم الحضور الإيراني وقطع الإمدادات العسكرية من سوريا إلى حزب الله.

إرسال تعليق

0 تعليقات